مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية لقاءات ومؤتمرات 

الدكتور نبيل طعمة ضيف موقع إعمار سورية التشيكي

الأربعاء, 10 أيار, 2023


لماذا نلحّ ونؤكد على أهميتها مصدراً أساسياً في التكوين العقلي والوجداني لكلّ طبقات المجتمع وأفراده؟

اللوحة التشكيلية، والمقطوعة الموسيقية، والتابلوه الراقص، والكتلة النحتية، والقصيدة والمسرحية، والقصة والرواية، والفيلم السينمائي، كلها ألوان إبداعية تجسد طموحات الإنسان ونجاحاته، كما تشير إلى نقاط ضعفه وإخفاقاته

تطلق الفنون أعمق تخيلاتنا وتصوراتنا وأغربها عن العالم سواء في جانبه المادي أو المعنوي، تصوغ إنساناً قادراً على الانفكاك من وعاء الجسد بكل غرائزه، والتسامي في فضاء الروح بكل فيوضاتها وإمكاناتها

 وفي ظل الأوضاع الأخيرة في منطقتنا و العالم ، كَفر الكثيرون بالفن كما تشككوا بقيم وأفكار أخرى، ووجدوهها دون طائل ولا أثر لها في ظل هذه الأوضاع الطاحنة.

 لكن البعض الآخر قد يجد بالفن متنفساً يهرب فيه من قبح الواقع ودمويته، أو نهجاً يبوح من خلاله عما يحدث له من أهوال

الفن الذي ينمي إنسانية الكائن البشري وينأى به عن منطقة الحيوانية والغرائزية، يباعده عن الفردية والذاتية المفرطة و كنا قد فرقنا بين الانسان و البشر حيث أن  الانسان قدم من الانس و الانسنة و المعرفة و الابداع بينما البشر و التي تعني بدء الشراهة و بدء الشهوة و بدء الشر أي العلاقة مادية بحتة هذه التي تقتل الانسانية .

 في هذا المقام علينا أن نتساءل لو أنّ المجتمعات العربية حاضنة جيدة للفنون والأدب، وأنّ هذه الثقافة لا تقتصر على النخب وفئة قليلة من المتلقين المهتمين بها، هل كنا سنجد استشراء للأفكار الأصولية المتشددة بين الطوائف المختلفة؟

 ولو كان للفنون والفكر والحريات تواجداً حقيقياً في ثقافة القاعدة العريضة من الشعوب، هل كنا سنشاهد كل هذا القدر من الدموية والعنف ورفض الآخر المختلف ؟

هل كان سيتفشى هذا القدر من القبح والعشوائية في كثير من السلوكيات والمظهر العام سواء للإنسان أو للمكان؟

أسئلة توجهنا بها للمفكر الدكتور نبيل طعمة و هو الفنان ( بكل أنواع الفنون ) فهو النحات و الرسام و الشاعر  ليحدثنا عن علاقة الانسانية بالفن فقال:

الفنون السبعة هي الإنسانية, والفن هو الإنسان , وما يظهر منه هي الإنسانية ,  وأنا لا أطلق صفة إنسان على شخص إلا إذا تمتع بذائقة جمالية (معنى الذائقة الفنية هي القدرة على الاستمتاع بلوحة فنية و ليس بالضرورة أن يكون رساماً أو نحاتاً .

 الفنون السبعة هي أُسس علم الجمال و قامت على العمارة والنحت والموسيقى والرسم والمسرح والرقص والسينما .

 هذا المفهوم الإنساني في الفنون إن لم يتملك الإنسان الذاقة الجمالية ويتمتع بها فهو بشري( لم يصل لرتبة الانسانية بعد ).

مثلاً : شخص تضع له موسيقى جميلة ويرفض الإستماع لها, وعند وقوفه أمام لوحة أو منحوتة يرفض رؤية جمالها, ولا يستمتع بمشاهدة الرقص . إن الله بالمفهوم الكلي جميل يحب الجمال, ومن الأسماء الحسنى الموجودة أيضاً عند زردشت ( يذكر في الإسلام 99 اسماً وعند زردشت في كتاب الأفيستا يوجد 115مماثلة لهم وهذبت بعض الاسماء لتكرارها .

 إنسان لا يتمتع بأي عنصر من عناصر الجمال, ولا يفهم في الجمال, هل يمكن أن  يكون إنساناً ؟

 مداعبة الحيوانات كالقطة والكلب والعصفور والطير والنبات , الاستمتاع بصوت الماء والشجر و أصوات الطيور وأصوات الحيوانات الأخرى هي متعة إنسانية, لأنه يؤمن بوجودها وحقيقيتها, وبما تضفيه عليه من عناصر التهذيب, لأن ارتقاء الذائقة الفنية الجمالية يكون بالحواس الخمسة المادية ويضاف لها حاستان لا ماديتان هما الحاسة الناطقة والعاقلة , فالناطقة هل التي تأتي بعد عقل الشيء وتحويله لمفهوم منطوق , ولكن هاتان الحاستنان تدرسان في الأكاديميات العليا لدقة الموضوع و لاستيعاب الدارس لمفاهيم الوجود.

 لك أن تتخيل إنساناً  يرى وردة , فيقطفها و يجد أنه ليس لها رائحة , فيقوم برميها , هذا لا تستطيع أن تطلق عليه لفظ إنسان, لأن الوردة وجدت ليتمتع بها العديد من البشر , فحرم بفعلته البشر من ذائقة الجمال .

مثال آخر: عندما تجلس وتسمع موسيقى جميلة وقام أحدهم بإيقافها, فهذا شخص لا يتمتع بذائقة جمالية  و لا يدرك معنى الإنسانية .

إذاً الفنون( وهذه مشكلة لدى مجتمعاتنا العربية) أننا لم نصل بشكل خاص حتى اللحظة لمفهوم التذوق الجمالي , فما زلنا نعتبر المرأة شهوة لا نفكر بها من باب الجمال, أو لإنجاب الأطفال , ولذلك هناك فرق بين الجنس والحب( عند الإنسان اسمه حب وعند البشر اسمه جنس)

 لاحظ معي الجنس هو قضاء حاجة, فالحيوان لا يعرف الاستمتاع, فهو لا يستطيع أن يقبّل و لا يمر بأنامله أو شفاهه على هذا الجسد, ولا يستطيع أن ينظر لأنه يقوم على الحيوان وهذا شائع بين كل الحيوانات بينما الإنسان يعانق ويقبل ويتحدث ويمهد , وعند ممارسة الحب يكون هناك جماليات ( هذه أطلق عليها الذائقة الجمالية التي لا يتمتع بها البشر بل يتمتع بها الإنسان عندما يصل إلى إنسانيته

 اليوم نجد الكتاب و اللوحة و التنوع الجمالي في الفنون (هناك مقلدين كثيرين)  فتوجد مكتبات في المنازل وعندما تسحب كتابا سيتجده جديداً لم يفتح, وهناك ظاهرة تقليد أو أن يستمع لموسيقى لا يعرف ماهيتها ,  إذا يجب أن نعمل على تطوير الذوائق الجمالية في الحواس الخمسة لنتحول إلى إنسان ( الإنسانية هي ذائقة جمالية وهي منظومة مفاهيم) نحن ابتعدنا عنها كثيراً للأسف .

أروي لكم حادثة:  كنت أبعد عن مكان دراستي عشرة  كيلومترات  وكنت استعمل المترو, كان هناك سيدة تنثر البذور في الشتاء, وعندما سألتها لماذا تفعل ذلك ؟

قالت لي:  انتظر حتى الصيف

 بعد أشهر كانت مسافة الـ 10 كم  من الجنبين كلها ورود .

 فكر بهذه العملية

كلمة أخيرة  تودون قولها في نهاية هذا المحور. 

الجواب : أقول إن ما يجري من حروب في أوروبا والشرق الأوسط, وما يستعد له في جنوب شرق آسيا وعلى مجموع هذا الكوكب الحي, علينا أن نتظافر و نجمع الجهود لوقف الحروب والاتجاه إلى البناء , لأن ما ينفق على الحروب , لو أنفق على تطوير الفعل الإنساني لغدت الإنسانية هي الفعل السائد, وانتهت الأفعال البشرية( هذا بدقة أمل قابل للتحقق بإرادة الإنسان( لا علاقة لله في هذا كله) لأن العقل هو فعل إنساني وحالة معرفية, ولكن نتجرأ على المعرفة ونعلم ولكن نتجرأ على العلم لنحمي لا لنفيد الآخر.
في الختام نشكركم المفكر و الفنان الدكتور نبيل طعمة .

الدكتور نبيل : شكرا لكم و لوكالة  ديل تريد غروب التشيكية لتحمل افكاري الصاخبة, وشكراً لكل من يقرأنا ويتابعنا



عدد المشاهدات: 1677

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى