د. أميرة ستيفانو ضيفة عربي اليوم الثلاثاء, 23 تموز, 2019 برلمانية سورية: جولة أستانا الـ13.. ملف إدلب على رأس الطاولة أوضحت الخارجية الكازاخستانية في بيان لها يوم الجمعة الماضي أن جولة أستانا الـ "13" ستعقد في نور سلطان، ومن المخطط مشاركة الدول الضامنة "إيران وروسيا وتركيا" إضافة إلى وفد الجمهورية العربية السورية ووفد المعارضة. خاص وكالة عربي اليوم الإخبارية – حوار سمر رضوان الجولة الـ 13 لمحادثات آستانا حول سوريا سيساعد في تسيير محادثاتها، صفة مراقبين ممثلون عن الأمم المتحدة والأردن إضافة إلى لبنان والعراق اللذين يشاركان في عملية أستانا لأول مرة. عن هذه الجولة وأهميتها، تقول الدكتورة أميرة ستيفانو، عضو مجلس الشعب السوري، لـ"عربي اليوم": إن بيان الخارجية الكازاخية أوضح أن الجولة المقبلة ستركز على بحث مستجدات الوضع في سوريا، خصوصاً في إدلب وشمال شرقي البلاد، والإجراءات اللاحقة لتعزيز الثقة بين الأطراف المتنازعة وتحريك العملية السياسية، بما فيها قضايا تشكيل وإطلاق عمل اللجنة الدستورية.
الحفاظ على الثوابت
سبق وأن عقد 12 اجتماعا بصيغة أستانا، أحدها في مدينة سوتشي الروسية، أكدت في مجملها الالتزام الثابت بالحفاظ على سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها ومواصلة الحرب على التنظيمات الإرهابية كافة، وكان الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وبلدان إفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أعلن في العاشر من الشهر الجاري تموز يونيو عن موعد ومكان الجولة الجديدة من آستانا، كما عقد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، لقاء في بغداد مع رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، تطرق خلاله إلى مشاركة بغداد في مفاوضات أستانا، قبل توجهه إلى بيروت لتوجيه الدعوة للرئيس عون للمشاركة في مسار آستانا.
ما دور العراق ولبنان؟ تأتي مشاركة لبنان والعراق والأردن في جولة أستانا بهدف إيجاد بيئة إقليمية مساندة للحل السياسي في سوريا، لاسيّما وأن البلدان الثلاثة تربطهما حدود طويلة مع سوريا، فضلاً عن أعداد اللاجئين، إلا أنه لا يمكن التعويل على دور فاعل لها، فالموقف الأردني يعاني من الفجوة الحاصلة بين موقف الحكومة وموقف غالبية الشعب وممثليه في البرلمان ضمن حاجة اقتصادية تسوغ للسعودية فرض مواقف سياسية على الأردن تجاه سوريا، ولا يختلف عنه كثيرا الموقف اللبناني الذي يعاني من تباين داخلي واسع بين الأطراف اللبنانية والدور السعودي الذي يقود بعض هذه الأطراف، وربما الوضع الداخلي الحالي اللبناني في أحرج اوقاته والوضع الاقتصادي المتدهور والبث الطائفي والعنصري ووضع ملف اللاجئين السوريين شماعة لأي مواقف معادية تجاه سوريا وشعبها رغم ملايين الدولارات التي استفادت منها الحكومة اللبنانية من المنظمات الدولية (حسب تصريحات العاملين في هذه المنظمات) تحت بند اللاجئين السوريين بما لا يتناسب مع سوء الأوضاع والخدمات المقدمة لهم؛ ويجب التنويه عن التيار اللبناني الواسع المؤيد لسوريا والذي هو جزء من محور المقاومة. وتشهد سوريا دفعات متلاحقة من السوريين العائدين لمناطقهم بعد تحريرها من قبل بواسل الجيش العربي السوري. عراقيا، لا شك ان العراق يرحب بمشاركته في مباحثات أستانا لأنها اشارة إلى عودة العراق لدورها الفاعل في المنطقة، ولتستمر في مكافحة الإرهاب للتخلص من كل بؤر داعش بالتعاون مع دول الجوار وروسيا.
ماذا سيحدث في الجولة الـ "13"؟
بالطبع لا يمكن أن نفصل ما يجري في المنطقة وفي الداخل السوري من تطورات عن الملف السوري وتداعيات أستانا، حيث نجد في الآونة الأخيرة التدخل المباشر والمعلن للأمريكي والتركي في سوريا حيث استأنفت الولايات المتحدة تدريب المسلحين في الشرق السوري، واستمرت بدعم بعض الانفصاليين الكرد في شمال والشمال الشرقي لسوريا، والتعاون مع الإسرائيلي في سبيل محاربة داعش (حسب زعمهم) ليبدأ التركي يحشد على أطراف منبج لجرهم إلى حرب استنزافية ربما تتيح لعودة داعش لشرق الفرات.
الدور التركي ظهر الدور التركي رغم أنه عضو في جولة أستانا كداعم للتنظيمات الإرهابية في ريف حماة وريف اللاذقية وحلب وإدلب والقذائف المستمرة على المناطق المدنية الآمنة في مدينة حلب من قبل التنظيمات الإرهابية في مناطق الراشدين والبحوث العلمية والتي تدفع ثمنه أرواح الشهداء المدنيين وخاصة الشباب والأطفال، كذلك القذائف اليومية على ريف حماة مثل محردة، كما قامت القوات التركية بتجريف الأوابد الأثرية في عفرين، وبالطبع لا ننسى استهداف مطار حميميم بالطائرات المسيرة الدائم والثغرات الأمنية في الجنوب ضد الدوريات الروسية والسورية في ظل توتر واضح إيراني – أميركي.
وتيرة متقدمة رغم أن الميدان شهد تحرير الجيش العربي السوري مع القوات الصديقة والحليفة لبعض المناطق في ريف حماة رغم ضراوة المعارك ومحاولة المسلحين استرجاع ما خسروه من مناطق بواسطة الأعداد الكبيرة المنتشرة منهم والتي حصلت على درجة عالية من التدريب وسلاح متطور ومخزون كبير من صواريخ التاو، إلا أن وتيرة العمل العسكري مختلفة عن العمليات العسكرية السابقة التي حرر فيها الجيش العربي السوري اجزاء واسعة من الجغرافية السورية. كل هذا يضعنا في يقين لا شك فيه أن رجب طيب أردوغان هو جزء من حلف الناتو، ومرتهن للأمريكي في محاولة منه للمناورة بين الفترة والأخرى حيث يتقرب من الروسي ويستفيد من صفقة الإس 400 في سبيل استمرار المصالح الاقتصادية بينهما، ولمحاولة تحقيق الحلم الأردوغاني بضم أجزاء من الشمال السوري دون أن يحسب بدقة إمكانية الروسي على الصبر والمناورة لأنه لم ينفذ التزاماته فيما يتعلق بمناطق خفض التصعيد، وتحول من ضامن في أستانا إلى محتل مستعمر يتدخل بشكل مباشر ميدانياً لمؤازرة المجموعات الإرهابية المسلحة.
فعالية الدور الروسي عزز الرئيس بوتين مجده واسترجع الدور الروسي الفاعل دولياً وأنهى سياسة القطب الواحد الأميركي كند له لا يستهان به عبر التدخل بالقضية السورية وتبني سياسة الدولة السورية في مكافحة الإرهاب على أراضيها ليكون له منفذ بحري على البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي فهو يحاول عبر نفس طويل مقاربة أطراف النزاع لمحاولة فرض الحل السياسي، وبادر لفتح منصة أستانا عندما وجد أن اجتماعات جنيف ذات الهيمنة الأميركية والتدخل الخليجي عقيمة لم تحقق أي تقدم، وأعطت المعارضة أكبر من حجمها الفعلي وغيبت الوجود الإيراني فيها بشكل كامل. ومع اختلاف أهداف وظروف اجتماعات جنيف و أستانا نجد أن التكتيك الروسي نجح نسبياً في أستانا لأنه حقق بعض النتائج الملموسة على الأرض بسبب رعاية الدول الفاعلة في الملف السوري وهي الروسي والإيراني والتركي.
معارضة هزيلة
نظراً لهزالة أو شبه اندثار المكون السياسي (المزعوم) للمعارضة وتراجع ما كان يسمى التحالف الدولي سياسياً بسبب التدخل المباشر للأميركي والتركي كما أسلفنا، كل هذا يترك لنا آمال متواضعة عما يمكن أن ينتج عن جولة أستانا القادمة لأن الحل يرتبط بالتزام التركي بوعوده وتوقف دعم المجموعات المسلحة وتوقف التدخل الأميركي في دعم القوات الكردية الانفصالية وتدريب وتمويل وتسليح الإرهابيين. أما ما تعول عليه المعارضة من الاجتماع حول اعتماد اللجنة الدستورية وانطلاق عملها نراه مجرد بند في جدول الأعمال لأن اللجنة وما تقدمه من مقترحات حول الدستور لا يمكن أن ترى النور إلا بعد دراسة وإقرار كل المواد في سوريا وبأيدي السوريين وبعد تحرير كل شبر من أراضيها ليتسنى لجميع السوريين المشاركة في الاستفتاء لاعتماد دستور وطني يناسب الشعب العربي السوري. وبالنتيجة أملنا بما يحققه الجيش العربي السوري على الأرض لتحرير كل الأراضي السورية، والدبلوماسية السورية الداعمة لمحور المقاومة الذي يضع إسرائيل بزاوية الهلع على وجودها.
|
|