عضو مجلس الشعب جويدة ثلجة تكتب :الصدق إخلاص الأحد, 28 تموز, 2024 أن ترى الأشياء كما هي عليه، تصفها وتصنفها، مهما كان بها من قساوة أو لين، تلك هي الحقيقة. هل هناك من يمتلك الجرأة لقولها؟ هل باتت مجتمعاتنا مدمنة على النفاق؟ هل الحقيقة مؤلمة حتى يأتي من يعمل على تزويرها ؟ وما الضير إن كنا صادقين؟ وهل من الأفضل أن نتحول إلى مجتمع الكل فيه منافق؟ هل يجب أن نكون صادقين في كل مكان وزمان ؟ أليس هنالك من ظروف تحتاج المواربة والالتفاف، ويقال حينها كذبة بيضاء أوكذبة سوداء؟ لاسيما وأن الأبيض والأسود صفة للموصوف نفسه ، فهما إذاً وجهان لعملة واحدة. لقد جعلوا يوماً في العام للاحتفال بعيد للكذب سموه ب ( كذبة نيسان) لكي يحيدوا الوعي الإنساني عن الحقيقة والصدق، فهل من يكذب في يوم سيكون صادقاً باقي الأيام، والشيء بالشيء يذكر، فعندما اخترعوا يوماً للحب، فهل باقي الأيام ستكون كلها كراهية ؟ لقد عرّف الحكماء الكذب بأنه مخالفة لكلام الواقع، ولا فرق بين كذب الأقوال وكذب الأفعال في تضليل العقول والعبث بالأهواء وخذلان الحق واستعلاء الباطل عليه، ويكون ذلك إما بتزييف الحقائق جزئياً أو كلياً أو خلق روايات وأحداث جديدة مبنية على الخداع لتحقيق هدف مادي أو معنوي. إذاً الكذب عكس الصدق وهو فعل مذموم كما تحدث الفلاسفة، وهو فعل محرم في الأديان التوحيدية. قال أرسطو "الموت مع الصدق خير من الحياة مع الكذب". وقال نتيشه: لست منزعجاً لأنك كذبت علي، لكنني منزعج لأنني لن أصدقك بعد هذه المرة. وقال شيشرون: "الكاذب لا يصدق حتى ولو قال صدقاً" وقال شكسبير: "الكذب يشوهك، كن صادقاً أو اصمت". أما الباحث الإنكليزي جون شميل الذي بحث طويلاً في الكذب وأصوله ودوافعه ومسبباته فقد رأى أن" الكذب عموماً هو سمة المستضعفين". وجاء في التوراة: "اَلشَّاهِدُ الأَمِينُ لَنْ يَكْذِبَ، وَالشَّاهِدُ الزُّورُ يَتَفَوَّهُ بِالأَكَاذِيبِ." (أم 14: 5). " خُبْزُ الْكَذِبِ لَذِيذٌ لِلإِنْسَانِ، وَمِنْ بَعْدُ يَمْتَلِئُ فَمُهُ حَصًى" سفر الأمثال (20 :17) وقال الله تعالى في القرآن الكريم: " إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ" (غافر:28). "يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ"(الزمر 60) إذاً لا يوجد للكذب أسماء ولا صفات أخرى، وليس له لون أو نوع مخصص له، فكيف إذا كان هذا الكذب يؤدي إلى الشرور والرذائل، لذلك فهو مزموم في الديانات والثقافات والحضارات. ولو ارتدى الكذب لباس الصدق وسار فيه وابتعد ألف ميل لوجد من يكشفه. فويل لصديق خان العهد وويل لمستشار غير أمين ولتاجر يغش، ولمن عُهدت إليه الأمانة وخانها. عليك أن تكون دائماً مخلصاً وصادقاً، وبذلك تعرف حقيقة نفسك، وبالصدق وقول الحقيقة تُبنى الأوطان وتعرف إنسانية الإنسان، وبالكذب والرياء تدمر الأوطان ويُطاح بإنسانية الإنسان.
|
|