صباغ: التحالف بين سورية وإيران وبقية الحلفاء أثمر عن تحقيق إنجازات استراتيجية في الحرب على الإرهاب
الأربعاء, 17 كانون الثاني, 2018
أكد رئيس مجلس الشعب حموده صباغ أن سورية تتعرض للحرب الإرهابية التي تشن عليها بسبب مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية والمقاومة منوها بالدعم الكبير الذي قدمته إيران لسورية في حربها ضد الإرهاب منذ بداية مواجهتها التاريخية لأعتى عدوان إرهابي صهيوني تكفيري عرفه العصر الراهن.
وقال صباغ في كلمته التي ألقاها اليوم في مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في دورته الـ 13 في طهران: “تدور على أرض سورية حرب شرسة جمعت فيها قوى الطغيان والعدوان والتكفير طاقاتها كلها محولة بذلك الصراع إلى نقطة انعطاف سيكون العالم بعدها غير ما كان عليه قبلها” مبينا أن الشعب السوري المتشبع بثقافة المقاومة متمرس بمواجهة هذه القوى ويواجه الإرهاب ببطولة بالتعاون مع حلفائه من إيران وروسيا وجميع القوى التي تريد نظاما عالميا جديدا أكثر توازنا وأقل ظلما وطغيانا وتكبرا.
وفيما يلي النص الكامل للسيد رئيس مجلس الشعب :
كلمةُ السيدِ رئيسِ مجلسِ الشعبِ حموده صباغ
في الدورةِ الثالثةِ عشرةِ لمؤتمرِ اتحادِ مجالسِ
الدولِ الأعضاءِ في منظمةِ التعاونِ الإسلامِي
طهران - الجمهورية الإسلامية الإيرانية
13 - 17 كانون الثاني 2018
معالِيَ السيدِ الدكتورِ علي لاريجاني الموقرِ رئيسِ مجلسِ الشورَى
في الجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانيةِ - رئيسَ المؤتمرِ
السادةِ رؤساءِ المجالسِ والبرلماناتِ ومجالسِ الشورَى الكرامِ المشاركين فِي هذَا المؤتمرْ
سعادةَ الدكتورِ محمود أرول قليج المحترمِ الأمينِ العامِ لاتحادِ مجالسِ الدولِ الأعضاءِ في منظمةِ التعاونِ الإسلامِي
السادة رؤساءَ وأعضاءَ الوفودِ المشاركةِ في المؤتمرِ
السيداتُ والسادةْ
الحضورُ الكريمْ
السلامُ عليكمْ...
السلامُ عليكمْ.. وقدْ جئتُكُم مِنْ وطنٍ لطالمَا رفعَ رايةَ السلامِ.. ولطالمَا طالبَ بالسلامِ وعملَ منْ أجلِهِ..
جئتُكُم مِنْ وطنٍ مُثخنٍ بالجراحِ... صبَّ طغاةُ العالمِ وجبابرتُهُ كلُّهُم غضبَهُم عليهِ، لا لذنبٍ اقترفَهُ سوَى أنَّهُ دائماً معَ فلسطينَ ولفلسطينَ.. ومعَ المقاومةِ وللمقاومةِ... وهذِهِ هيَ معركتُهُ منْ أجلِ السلامِ.. لأنَّ السلامَ بلا حقٍّ يتحولُ إلى ذلٍّ...
والذلُّ في الإسلامِ كفرٌ وخروجٌ عنْ جوهرِ هذا الدينِ الحنيفِ الذي فرضَ على الإنسانِ العزةَ فرضاً...
أبَى وطنِي الذلَّ وأصرَّ على الدفاعِ حتَى آخرِ رمقٍ عنْ حقِ العربِ والمسلمينَ والمسيحيينَ على أرضهِم وكيانِهِم وقُدسهِم... بلْ كلُّ فلسطينِهِم..
وقدمَ شعبِي التضحياتَ منذُ كانَ لفلسطينَ قضيةٌ.. وكانَ عزُّ الدينِ القسامِ السوريِّ رمزاً للمقاومةِ منذُ فجرِهَا الأولِ في الأربعينياتِ بعدَ قيامِ الكيانِ السرطانِي على الأرضِ المقدسةِ.. فلسطينْ.
ولمْ يشكَّ شعبِي فِي يومٍ منَ الأيامِ بحقيقةِ أنَّ القدسَ الكبيرةَ من النهرِ إلى البحرِ هيَ جوهرُ وجودِ العربِ وكيانِهِم، وأنَّ تحريرَ فلسطينَ مقدمةٌ لتحريرِ النفسِ العربيةِ والمسلمةِ من ذلٍّ وعارٍ لحقَ بنَا عَبرَ تأسيسِ هذَا الكيانِ الغاصبْ..
وحيَّا وطنِي منذُ البدايةِ بلداً حوَّلَ سفارةَ الكيانِ الغاصبِ منذُ اليومِ الأولِ فِي ثورتِهِ إلى سفارَةِ فِلسطينَ، ووقفَ ومازالَ يقفُ بكلِّ قوةٍ إلى جانبِ الحقِّ العربيِّ والفلسطينيِّ.. بلداً دعمَ المقاومةَ بدونِ تحفظٍ، علناً وفخراً، على الرغمِ مِنَ الضغوطِ الكبيرةِ والإغراءاتِ الأكبرِ التِي قُدمت لهُ منذُ فَجـرِ ثورتِهِ..
ولدَى وطنِي وشعبِي سببٌ آخرُ ليحييَ هذَا البلد الشقيقَ الجمهورية الاسلامية الايرانية التي نحن اليوم في رحابها . هذا السببُ لانه مدَّ يدَ الدعمِ لسوريةَ منذ البداية فِي مواجهتِهَا التاريخيةِ لأعتَى عدوانٍ إرهابيٍ صهيونيٍ تكفيريٍ عرفَهُ العصرُ الراهنُ، بل لامثيلَ لهُ في التاريخِ إذا أخذنَا بعينِ الاعتبارِ الحشدَ الهائلَ من المرتزقةِ الإرهابيينَ، والمرتزقةِ السياسيينَ، والحربَ الإعلاميةَ والنفسيةَ، والكرمَ الحاتمِيّ في تمويلِ الإرهابِ، ناهيكَ عنِ الضغوطِ والعقوباتِ الدبلوماسيةِ والاقتصاديةِ والنفسيةِ، وكلَّ ما فِي جعبةِ قوَى الظلامِ منْ أسلحةٍ شيطانيةٍ.. والمعركةُ واحدةٌ في سوريةَ وفلسطينَ.. لأنَّ الهدفَ هُوَ مواجهةُ هذَا الطغيانِ الزاحفِ كالجرادِ علَى حقولٍ كادَتْ أن تنضجَ فيهَا حقوقُنَا وأرواحُنَا..
الزملاءُ الأكارمْ..
السيداتُ والسادةْ..
القوةُ التِي فِي يدِ أعدائِنَا هائلةٌ.. وقاتلةٌ.. ومتوحشةٌ.
لكنَّ القوةَ التِي لدينَا أعظمُ...
الفرقُ بيننَا وبينَهُم أنَّهُم يتحالفونَ ضدَّنَا لكنَّنَا – للأسفِ – لا نتحالفُ ضدَّهُمْ.. بل في كثيرٍ منَ الأحيان تطغَى صراعاتُنَا وخلافاتُنَا لدرجةِ أنَّنَا نصبحُ أعداءَ أنفسِنَا... ويصبحُ جزءاً من الجراحِ مصنوعَاً بسيفٍ من المفروضِ أن يكونَ إلى جانبِ سيوفِ الحقِّ والسلامِ.
ذنبُ وطنِي أنَّهُ فهمَ الإسلامَ رسالةَ سلامٍ للناسِ.. ولمْ ينادِ بالتعايشِ وإنّمَا بالتفاعلِ والانسجامِ والوحدةِ بينَ جميعِ الفئاتِ والطوائفِ والمذاهبِ والأعراقِ تحتَ رايةِ الوطنِ..
فالوحدةُ فِي وطنِي أرقَى منَ التعايشِ.. لأنَّ الوحدةَ تكاملٌ.. والتعايشَ قدْ يكونُ علَى مضضٍ وينفجرُ عندَ أولِ إشكالٍ..
أقولُ هذَا وأنَا ابنُ التجربةِ السوريةِ.. أنَا المسيحِي السورِي القادمُ مِن لدُنِ البلدِ المسلمِ، والشعبِ المسلمِ الذِي لمْ يفرقْ يوماً بينَ مواطنٍ ومواطنٍ، مؤكداً بذلكَ التزامَهُ برسالةِ الإسلامِ الحقيقيةِ وجوهرِ الإسلامِ، مواجهاً محاولاتِ تشويهِ هذِهِ الرسالةِ العظيمةِ التِي جاءَتْ للناسِ..، لكلِّ الناسِ..
السيداتُ والسادة...
على أرضِ وطنِي تدورُ حربٌ شرسةٌ، جمعَتْ فيهَا قِوَى الطغيانِ والعدوانِ والتكفيرِ طاقاتِهَا كُلهَا، محولةً بذلكَ الصراعَ إلى نقطةِ انعطافٍ سيكونُ العالمُ بعدَهَا غيرَ ما كانَ عليهِ قبلهَا..
وشعبِي المتمرسُ بمواجهةِ هذهِ القِوَى، المتشبعُ بثقافةِ المقاومةِ، يواجهُ الإرهابَ ببطولةٍ متحالفاً مع إيرانَ وروسيَا وجميعِ القِوَى التِي تريدُ نظاماً عالمياً جديداً أكثرَ توازناً وأقلَّ ظلماً وطغياناً وتكبراً..
وقد اثمر هذا التحالف بين سوريا وايران وبقية الحلفاء والاصدقاء تحقيق انجازات استراتيجية في الحرب على الارهاب والقضاء على بنية تنظيم داعش الارهابي والاستمرار في تطهير باقي الاراضي السورية من رجس التنظيمات الارهابية المتمثلة بجبهة النصرة وباقي التنظيمات الارهابية على اختلاف مسمياتها.
إن سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الاسد تنطلق في سياساتها من المبادئ التالية:
· إنهاء ثقافة العدوان وتجنب نشوب الحروب والغائها من العلاقات الدولية.
· حل جميع الخلافات بالحوار تحت سقف القانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية ومبدأ حسن الجوار.
· إرساء مبدأ المساواة بين الجميع كحقيقة فاعلة.
· تقرير الشعوب مصيرها دون تدخل في شؤونها من الخارج.
· احترام النفس الانسانية كمقدمة لانهاء الارهاب تمويلا ودعما وممارسة.
ألا نجدُ فِي هذه المبادئِ العامةِ جوهرَ الثقافةِ الإسلاميةِ الحقّةِ؟ أليسَ الإرهابُ كفراً؟؟ أليسَ القتلُ كفراً؟.. ألاَ ينبغِي للمسلمينَ أنْ يفهمُوا رسالةَ البارِي عزَّ وجلَّ عندمَا وصفَ نفسهُ بالرحمنِ الرحيمِ؟؟!... متَى سنصلُ إلى إعلانِ مبدأ إسلامِي جامعٍ بأنَّ القتلَ كفرٌ وحرامٌ علَى المسلمينَ إلاّ في قضايَا الإجرامِ الجنائِي الذي يحددهَا الشرعُ فِي القصاصِ؟؟.. القتلُ فِي اختلافِ الرأيِ كفرٌ.. والقتلُ في اختلافِ الضميرِ كفرٌ.. المطلوبُ تطبيقُ قولهِ تعالَى: " وجادلهُم بالتِي هيَ أحسنُ "..
إنَّ شعبَ سوريةَ وشعبَ العراقِ يقدمانِ التضحياتِ الغاليةِ اليومَ طوعاً للدفاعِ عن الإسلامِ بأكملهِ والعربِ جميعاً بلْ والعالمِ كافةً!..
لأنَّ الإرهابَ خطرٌ علَى الجميعِ...وسيقولُ كلُّ منْ يعيشُ الآنِ فِي بلدهِ حالةً منَ الهدوءِ لقدْ أُكلتُ يومَ أكلَ الثورُ الأبيضُ.. إنهَا مسألةُ وقتٍ فقطْ..
لذَا نريدُكُم فِي هذَا المؤتمرِ أنْ تقفُوا بقوةٍ ضدَّ الإرهابِ وداعميهِ ومموليهِ، ليسَ دفاعاً عن سوريةَ أو العراقِ أو أيِّ شعبٍ آخرٍ... وإنَّمَا دفاعَاً عنْ أنفسِكُم وأوطانِكُم ودينِكُم ووجودِكُم... ففِي الحربِ على الإرهابِ لا مِنَّةَ لأحدٍ علَى أحدِ.. الكلُّ مهددٌ.. والكلُّ مسؤولٌ.
ويكفينَا نحنُ شرفَاً سيسجلُهُ التاريخُ فِي دفترنَا أنَّنَا كُنَّا الطليعةَ فِي مواجهةِ هذا الوحشِ المنفلتِ مِن عقالهِ، وأنَّنّا دفعنَا الثمنَ الأكبرَ فِي القضاءِ عليهِ..
إنَّ مهمتَنَا الحقيقيةَ هنا أنْ نصدرَ قراراتٍ صريحةً وواضحةً تُنهِي الادّعاءاتِ بأنَّ الإسلامَ مسؤولٌ عنِ الإرهابِ فيمَا يُسمَى (الإسلامُ فوبيَا)، وتؤكدُ أنَّ الإسلامَ ضدَّ الإرهابِ وممولِيهِ وداعمِيهِ ومستخدمِيهِ..
هذهِ هيَ أولويتُنَا اليومَ.. وقدْ نختلفُ حولَ أمورٍ أُخرَى .. هذا طبيعيْ. لكنْ ينبغِي أنْ نتفقَ علَى الأولويةِ.. وهِيَ إسماعُ صوتِنَا بوضوحٍ بأنَّنَا نقفُ بقوةٍ ضدَّ الإرهابِ، وندعمُ كلَّ من يضحِي في مواجهتِهِ... وإنَّنَا فِي هذا نعبرُ عنْ جوهرِ الإسلامِ وفحوَى رسالتِهِ... وإنَّنَا نؤمنُ بأنَّ السلامَ يتنافَى معَ الإرهابِ.. لذَا نطالبُ بالسلامِ علَى أساسِ الوحدةِ الوطنيةِ الناجزةِ في سوريةَ استناداً إلى القضاءِ علَى الإرهابِ وإفشالِ مشروعِهِ الخطيرِ..
وهنَا أتوجهُ بالتحيةِ والشكرِ والعرفانِ للجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانيةِ قيادةً وحكومةً وشعباً وأخصُّ بالشكرِ سماحَةَ السيدِ علِي الخامنئِي قائد الثورة الاسلامية الايرانية، وفخامةَ رئيسِ الجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانيةِ سماحةَ الدكتورِ حسن رُوحانِي على دعمهِمْ وجهودهِمْ الحثيثةِ من أجلِ جمعِ شملِ الدولِ الإسلاميةِ وتوحيدِ الكلمةِ تجسيداً لمبادئِ الإسلامِ الحقيقيةِ القائمةِ على التعاضُدِ والتعاونِ بين المسلمينَ دفاعاً عنْ قيمِ الحقِّ والعدالةِ في العالمِ.
ولاَ بُدَّ لي أنْ أعبرَ عن بالغِ الشكرِ والتقديرِ لسيادةِ الدكتورِ علي لاريجاني رئيسِ مجلسِ الشورَى على دوره الفاعل والمتميز في خدمة قضايا الشعوب الاسلامية، والشكر موصول للسادة أعضاءِ مجلسِ الشورى الاسلامي الايراني ولجانِهِ وجمعيةِ الصداقةِ على استضافةِ هذا المؤتمرِ وحفاوةِ الاستقبالِ وحسن التنظيم، وكل الشكرُ للأمانةِ العامةِ لحسن تحضيرهاِ وتنظيمِها مجرياتِ هذا المؤتمرِ...
وفي الختام:
أتمنَّى لمؤتمرنَا النجاحَ والتوفيقَ في التوصلِ إلى قراراتٍ وتوصياتٍ تسهمُ في تشخيصِ وإزالةِ أيِّ خلافاتٍ بينيةٍ على أملِ أن نضعَ أرضيةً حقيقيةً للعملِ الجادِ في تحصينِ الشعوبِ الإسلاميةِ في زمنٍ تُستهدفُ فيهِ شعوبُنَا في الداخلِ والخارجِ علَى حدٍّ سواءْ.
والسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهْ.
طهران 17 / 1 /2018
رئيــس مجلـس الشـعب
في الجمهورية العربية السورية
حموده صباغ