مرعي: الرئيس الأسد أعاد تأكيد الثوابت السورية عبر التمسّك بمركزية المسألة الفلسطينية
الثلاثاء, 29 آب, 2017
أكد عضو المكتب السياسي المركزي في الحزب السوري القومي الاجتماعي، عضو مجلس الشعب السوري الدكتور أحمد مرعي، أنّ الرئيس بشار الأسد أعاد تأكيد الثوابت السورية من خلال التأكيد على مركزية المسألة الفلسطينية حين قال: «ما زالت فلسطين هي القضية، وما زالت إسرائيل هي العدو». مشيراً إلى أنّ كل مشاريع إلهاء سورية عن فلسطين فشلت، وسورية تضع فلسطين أولاً، وتحريرها السبيل الوحيد لإنهاء كلّ المشاريع التي تستهدف سورية.
وخلال محاضرة ألقاها بعنوان «سورية والمسألة الفلسطينية» ضمن فعاليات مخيم الشباب العربي المقاوم الثاني الذي يقام في دمشق، قال مرعي: إن ما بين سورية والصهاينة ليس نزاعاً، إنما هو صراع وجود ومصير وهوية. مؤكداً أهمية هذا المخيم لأنه يعمل على بناء الكوادر والشباب، لاستكمال المسيرة في مشروع مقاومة المشروع الصهيوني ـ الأميركي في منطقتنا.
فلسطين جزء من الذات السورية
ولفت مرعي إلى أنّ فلسطين هي جزء من الذات السورية، فلا فلسطين يمكنها أن تتحرّر من دون سورية. ولا سورية قادرة أن تدير ظهرها لفلسطين وترفع شعار سورية أولاً، كما فعلت تيارات كثيرة في بعض الدول المجاورة، التي رفعت شعارات مثل لبنان أولاً، أو الأردن أولاً، وكلها شعارات أثبتت عدم جدواها لأن دول المحيط الطبيعي لفلسطين، عندما تتخلّى عن فلسطين تفقد دورها وذاتها على عكس غيرها من الدول العربية، التي فكّت ارتباطها بالمسألة المركزية فلسطين.
الصراع اليوم على سورية
كما أشار مرعي إلى أنّ الصراع اليوم هو على سورية وفي سورية بسبب فلسطين أولاً، ولأن سورية ـ الشام ـ لا تزال تقاتل من أجل فلسطين، وبالتالي عندما فشلوا في تطويقها ومحاصرتها ودفعها نحو الاستسلام، من خلال الحرب على العراق عام 2003، وكلّنا نذكر إملاءات كولن باول والتي رفضها الرئيس الأسد، ومن ثمّ القرار 1559 الذي كان يستهدف ضرب المقاومة اللبنانية والفلسطينية وإضعاف سورية، ومن ثمّ حرب تموز 2006 التي خرجت منها سورية والمقاومة منتصرتين، إلى العدوان المتكرّر على غزة، كلّ هذه المحطات دفعت أميركا وحلفاءها إلى استهداف سورية من الداخل، من خلال محاولات تفتيتها لتكون ضعيفة واهنة أمام الكيان الصهيوني، لكن هذا المشرع أيضاً بات في طريقه إلى السقوط والفشل.
التقارب ممنوع بين دول المشرق
وأكد مرعي أنّ كلّ الجهود منصبّة لمنع أيّ تقارب في المشرق العربي، لا سيما بين دول سورية الطبيعية، انطلاقاً من الأساس التقسيمي التفتيتي الذي يمنع أيّ تقارب، وإغراق كل دولة في حروب داخلية تقسيمية لتفكيك المجتمع ولمزيد من التجزئة، وكل ذلك بسبب وجود العدو الصهيوني ومشروعه التوسعي الاستعماري. في حين يسمح لمجلس التعاون الخليجي أن يجتمع وأن يتحوّل إلى اتحاد لممالك وإمارات الجزيرة العربية، كما سمح بتشكيل اتحاد المغرب العربي، وتمت اعادة إحيائه مؤخراً لدعم أنظمته الجديدة في ليبيا وتونس والمترنحة في المغرب والجزائر.
وأضاف: بهذا المعنى، تجري محاولات لتفكيك العالم العربي إلى محاور متنازعة وإجهاض الجامعة العربية، التي بدلاً من أن تتطوّر باتجاه صيغة اتحادية تتكامل أقاليمها في جهة عربية موحّدة ضدّ المشروع الصهيوني الاستعماري، نشهد تحوّلها إلى أداة لخدمة أجندات المحاور، أو اختزالها بمشايخ وأمراء. وهذا الواقع يفرض على سورية بالذات أن تصارع من أجل ذاتها ووجودها، ومن أجل عودة الروح إلى العروبة الواقعية التي تنطلق من وحداتها الطبيعية المتقاربة جغرافياً، من أجل إعادة بناء البيت العربي على أسس جديدة، تعيد الاعتبار إلى العروبة الحضارية كرابط جامع لأقاليمها.
«الربيع العربي» وفلسطين
وفي ما يتعلق بثورة ما سمّي بـ«الربيع العربي»، أشار مرعي إلى أنّ سورية تم استهدافها من قبل المحور المعادي من خلال دعم ما يسمّى بـ«الثورة السورية»، وهنا لا بدّ من التأكيد على أنّ هذه الثورة لم ترفع علم فلسطين، ولم يكن تحرير فلسطين ضمن أيّ فكرة من أفكارها المعدومة. بل على العكس، قد قام «الثورجيون» بحرق العلم الفلسطيني في أكثر من تظاهرة… لذلك نحن نريد أن نقول إنّ هؤلاء يتماهون مع الصهاينة في مشروعهم.
كما لفت مرعي إلى المعادلة القائلة بأن «لا حرب من دون مصر ولا سلام من دون سورية»، مشيراً إلى أنه تبيّن على أرض الواقع أنه شعار خاطئ، لأن المقاومة ممكنة من دون مصر، وتجربتا لبنان وفلسطين شاهدتان على ذلك، ولا يحتاج الأمر إلا إلى الاعتماد على ذاتنا وبناء قدراتنا وأن نؤمن بإمكانياتنا.
سورية والتوازن الاستراتيجي
كذلك أكد مرعي أنّ سورية استمرّت في محاولاتها لتحقيق التوازن الاستراتيجي، لكن انهيار الاتحاد السوفياتي وتغيّر المناخ الدولي، قضيا على هذا الاحتمال وجعل الحرب النظامية والكلاسيكية مستبعدة، لذلك اعتمدت سورية معادلة مركّبة قوامها: العمل الإيجابي من أجل حلّ سلميّ عادل وشامل، وفي الوقت نفسه توفير الدعم للمقاومة في لبنان وفلسطين.
التكامل بين المقاومة وسورية
العمل الفدائيّ نجح في فلسطين والأردن ولبنان في تأكيد الهوية الفلسطينية، وأثار اهتمام العالم بالمسألة الفلسطينية. لكن ابتعاد أطراف من القيادة الرسمية عن عمقها القومي سهّل عزلها وحرفها، وبالتالي بات مؤكداً أن تحرير فلسطين غير ممكن من دون محيطها، كما أنّ الدول المحيطة بفلسطين غير قادرة على إدارة ظهرها وفكّ ارتباطها بالمسألة المركزية، لذلك عندما تختلف المقاومة مع سورية تتعثّر، وكلّما تكاملت وتساندت المقاومة مع سورية انتصرت، وهذا ما حصل في لبنان عملياً.
التعويل على الجبهة الشرقية
وختم الدكتور مرعي مشيراً إلى أنّ الرئيس الأسد أكد في كلمته الأخيرة في افتتاح مؤتمر الدبلوماسيين أنّ التوجّه شرقاً، ونعتقد أن الشرق أضحى يمثّل ضمانة التمسّك بكلّ ما نؤمن به وعدم التفريط به، وأعاد التذكير بمصطلح «الجبهة الشرقية»، لافتاً إلى أنّ التعويل اليوم هو على الجبهة الشرقية، خاصة بعد انتشار «الثورات» والمتغيّرات على الساحات العربية، وصعود تيار المقاومة ضدّ مشروع الهيمنة الصهيونية ـ الأميركية، التي أحدثت نوعاً من الفرز التلقائي بين جبهة مقاومة وجبهة مستسلمة لا تقاوم، إضافة إلى تسابق الصف العربي الرسمي نحو التطبيع مع «إسرائيل»، وأصبح هذا الصفّ جزءاً من المشروع المعادي، لذلك لا بدّ من ابتداع استراتيجية جديدة، وهذا ما تؤكده الجغرافية والتاريخ، ويبقى التعويل لتحرير فلسطين دائماً على دول المحيط الطبيعي لها.