عضو مجلس الشعب جويدة ثلجة تكتب : أمانة وخيانة الأحد, 18 آب, 2024 ![]() الأمانة هي الوديعة، وفلان أمين، أي وفيّ لا يعتدي على حقوق الغير، ومتعفف عن مال غيره، يرد ما يستودع الناس لديه من أمانات إلى مودعيها، والأمانة هي حفظ وصون ما يؤتمن عليه الفرد، أياً كانت هذه الأمانة، فهل تجتمع الأمانة والخيانة مع بعضهما؟ بالطبع لا، لأن الثانية نقيض للأولى، وأن من يتحلى بصفة الأمانة يكون صادقاً وأميناً، وعندما يؤدي ما ائتمن عليه على أكمل وجه فهو إذاً أهل للأمانة وحامل لها. كالعامل في معمله، الذي يؤدي عمله بجد واتقان وتفان، كمثال على ذلك. أما الخيانة فهي انتهاك وخرق لعهد مفترض، الأمر الذي سيؤدي، لاحقاً، إلى كسر الثقة عن طريق فعل مخالف لمعيار الأخلاق والقيم، وبذلك لم هناك مكان لا للأخلاق ولا للقيم. ولكن هل نقصد بالخيانة الخيانة الزوجية، أم خيانة الفكر والفكرة وخيانة النفس وخيانة الذات. ومن هنا نقول بأن الأمانة والخيانة لا يمكن تأطيرهما في إطار واحد، فالأنبياء والرسل كانوا حاملين لأمانة تأدية رسالتهم المؤتمنين عليها، والديانات التوحيدية أتت على ذكرها في الكتب المقدسة ففي سفر الملوك 9:4ورد " وَأَنْتَ إِنْ سَلَكْتَ أَمَامِي كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبٍ وَاسْتِقَامَةٍ، وَعَمِلْتَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُكَ وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي" وورد في إنجيل متى 25:23 " فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ" وفي الكتاب المقدس النزاهة والأمانة في الحياة فضيلتان مترابطتان تدعم إحداهما الأخرى وتعززها، ويجب أن تنعكس على الأداء لأهميتها وضرورتها. وورد في القران الكريم قال الله تعالى " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا " ( النساء58) وقال تعالى: " وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ" الأنفال58 . لذلك فعلى كل انسان أن يؤدي كل يؤتمن عليه من وديعة أو رهن أو عمل أو غير ذلك، فالله لا يحب الخونة والذين لا يؤدون الأمانة إلى أهلها بصدق وإخلاص. إن تأدية الأمانة ليست بالأمر السهل فمن حمل الأمانة عليه أن يؤديها بصدق وتفان، فالطالب الذي يدرس بجد واجتهاد ويؤدي واجباته المدرسية ويحترم معلميه وزملاءه فهو أمين، والأم التي تؤدي واجباتها تجاه بيتها وزوجها وأبنائها هي أمينة أيضاً. إن أداء الأمانة واجب على كل فرد ارتضى أن يحملها، وعليه أن يكون على قدر المسؤولية في تأديتها لمستحقيها مهما كانت صعبة، سواء أكان حاكماً أم والداً أم أماً أو ابناً أم رجلاً أم امرأة، وكذلك إن كان سياسياً أم مسؤولاً، مهما كانت مسؤوليته التي يحملها، صغيرة كانت أم كبيرة، وفي أي زمان ومكان، وإن لوحظ أن أداء تلك الأمانة لم يكن بالشكل الأمثل، وأن أداءها يعود بالنفع لمن وُكلوا بها، كان ذلك خيانة للوطن وتآمراً وتحالفاً مع الأعداء والجهات الخارجية التي تعمل على هدم مصالح الدولة. فمن لم يستطع حمل الأمانة وتأديتها بالشكل الصحيح، ولاسيما فيما يتعلق بخدمة الوطن، فهو حتماً خائن لهذا الوطن.
|
|