مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية 

الشعور القومي .. د.نبيل طعمة

الأربعاء, 25 تموز, 2018


العربي أين هو؟ ما مصيره؟ من عمل ويعمل على وأده، كما وأدوا مواليدهم من النساء اللاتي لولاهنَّ لما كان استمرارنا قبل أن نصل إليه؟

دعونا نستعرض التالي، في 29 آب عام 1897 انعقد المؤتمر الصهيوني العالمي الأول الشهير في مدينة بازل السويسرية، ووقف المكلف إدارة المؤتمر تيودور هرتزل، وألقى الكلمة الشهيرة، حيث قال فيها مستخدماً سين التأكيد لا سين التسويف: أيها السادة المؤتمرون، ما سأتحدث به إليكم الآن قد يبدو نكتة، سأله المؤتمرون ما هذه النكتة يا معلم؟ وكان لقبه المعلم، أقول لكم: إنه سيكون لكم بعد خمسين عاماً وطن قومي في فلسطين، ضحك المؤتمرون، وتابع: إنكم بعد مئة عام ستتربعون على عرش العالم.

مات تيودور هرتزل في عام 1904 بمرض الزهري بسبب تعلقه بالجنس، بعد ذلك نصل إلى سايكس بيكو 1916 التي قسمت الإمبراطورية العثمانية والإسلامية إلى دول، وأوجدت بينها الحدود، منح اليهود وعداً بأن تكون فلسطين وطناً قومياً لليهود. إعلان بلفُور الشهير بيانٌ علنيّ أصدرته الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالميّة الأولى، لإعلان دعم تأسيس «وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين»، التي كانت منطقة عُثمَانِيَّةً ذات أقليّة يهوديّة (حوالي 3.5 بالمئة من إجمالي السكان).

أين نحن؟ هل نتحالف على التآسي في المعيش والتساهم في المآل؟ من أين نحن؟ هل نحن من قصبة مآل الآلهة الموحدة أو المختزلة لسيرة المسلمين الأولين أم إننا من صراع عبري عبراني قديم جديد، تهمنا معه وفيه بين الحق والباطل؟ لتبتعد عنا سعة الأفق والبحث والتأمل والوصول إلى النتائج.

الفكرة من هذه المقدمة أنهم وصلوا إلى هدفهم بعد إيمانهم بها، في عام 1948 اعترفت دول العالم العظمى ومعها الكثير من الصغرى بقيامتها، وفي سنة 1953 تم تأسيس اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة، وتم تحويل مسماها إلى ما هو معروف اليوم بالأيباك بعد تدهور علاقة داعمي إسرائيل بالرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، حيث وصلت الأمور إلى إجراء تحقيقات مع اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة، لهذا تمَّ تغيير الاسم، وتأسست جماعة ضغط جديدة تُسمى اللجنة الإسرائيلية الأمريكية للشؤون العامة، التي تعتبر الآن من أهم عناصر الضغط، ليس فقط على الإدارة الأمريكية، إنما على الكثير من دول أوروبا، وفاعلية ضغوطها تسري على معظم الدول العربية ودول العالم الثالث.

العرب خرجوا من تحت نير الخلافة العثمانية، ليدخلوا تحت نير الاستعمار التقليدي الفرنسي البريطاني، وتحقق الشرط الأول بقيامة الكيان الصهيوني، وتمَّت شرذمة العالم العربي الذي أسس له البريطانيون بفضل وزير خارجيتهم جون أيدين جامعة عربية، وفرطوا أحلامه بالوحدة، وأنهوا جميع عناصر التضامن العربي من خلال حروب مبرمجة، عام 1948 النكبة و1956 حرب السويس، و1967 النكسة، ونجح العرب إلى حدّ كبير بفضل سورية ومصر بحرب تشرين التحريرية 1973، مع تضامن عربي قل نظيره، التفت إليه الكيان الصهيوني مع الأمريكي، ومزقوا حضوره بأسرع ما يمكن، وفردوا على الجغرافيا العربية دسائسهم، حرب لبنان، حرب العراق وإيران، اجتياح الكويت، حرب الجنوب اللبناني، حرب تموز، حرب غزة، وصولاً إلى ما أطلق عليه الربيع العربي، وما هو إلا حرب نوعية بشعة وعنيفة، شكلت حالة التدمير الذاتي لقوى المشروع النهضوي العربي وحوامل القومية العربية.

كل هذه الحروب وهذا التخلف والصراعات الحاصلة مع تلك التي حصلت والتي مازالت تحت الرماد، تنتظر النفخ عليها في حينها، برأيكم من أجل ماذا محاولات تمزيق العروبة، وضرب المشروع القومي النهضوي وتدمير المشاعر، وإحياء شمولية الدين؟ فكلما حدث تطور هنا وتقدم هناك يحدث الهدم والعودة إلى ما تحت الصفر، كل هذا من أجل ماذا؟ أليس بسبب القضية الكبرى فلسطين، وشعب فلسطين؟ ألم ننتبه أنه ومنذ اللحظة التي عمل عليها اللوبي الصهيوني العالمي الأول، وبنى حلمه، ولم يكتف به؛ بل حوله إلى حقيقة وواقع، أنه يهدف لبناء وطن قومي يهودي خالص بدعم ورعاية من القوى العظمى بزعامة أمريكا؟

من خاض الحرب الحقيقية مع هذا الكيان الصهيوني؟ من حمى وحصَّن ورعى مقاومتها ومنظماتها وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية التي تقلبت بين اليمين واليسار؟ ألم تكن سورية العروبة والقومية مع مصر إلى حين خروجها وتلكئها في حرب تشرين وبعدها في كامب ديفيد؟ سورية التي بقيت تقاتل وحدها في حرب استنزاف أرهقت الكيان الصهيوني، سورية التي دعمت وحضنت كل الفصائل الفلسطينية، سورية التي شرعت قوانين حماية الفلسطينيين واعتبرتهم مثل السوريين، ومنحتهم الميزات ذاتها، سورية التي تآمرت عليها كثرة الأنظمة العربية، ومرت بمحنتها الكبرى التي تخرج منها بتألق أبنائها، ومعهم شرفاء المقاومة وشرفاء العرب والعالم، سورية مرة ثانية حامل العروبة وحامل القومية إذاً تتحدث عن كل هذا، لأنها انتبهت لما يجري ويخطط ويعد للقضية الفلسطينية التي تخلى عنها سواد العرب، ولو جندوا جزءاً يسيراً مما دفعوه لتدمير سورية للقضية الفلسطينية لكانت فلسطين اليوم دولة مستقلة.

هل تعلمنا حل القضايا الصغرى التي إن حدث وحللناها وصلنا إلى الكبرى التي في وقتها تتفكك من ذاتها؟ وإذا بقينا عالقين بها فلن نحل أي قضية، وسنبقى نسوّف مئة عام أخرى.

لم تستفد الأمة العربية من أخطائها، بدلاً أن تبني ذاتها نراها تدمر بعضها، وكلما ظهرت بارقة أمل تكالب الكثرة عليها بغاية محوها، لم نعرف قيمة عدونا الذي يستغل أخطاءنا، برامجنا، درامانا، إعلامنا، ثقافتنا، ديننا، الكل يقدم اعرف عدوك، ويخاطبنا بالاستعداد له، أمة اقرأ لا تقرأ، بل تتغنى بالأطلال، وتتفوه بالمعرفة، وعدونا يستعد ويبني ويبتسم على ما آل إليه حالنا العربي، وطبيعي أن يسير ضمن خططه ومنهجيته إلى ما يصبو إليه، وأن يعلن قومية الدولة ويهوديتها الدينية ولغتها العبرية التي يعتبرها مؤسسة للغة العربية.

هل نستفيق مما نحن فيه وعليه، ونخرج من عباءة الصحراء التي غادرها يهود خيبر وبنو قينقاع وبنو نضير، ليعودوا حكاماً عليها؟ حيث تركوا للمسلمين وخاصة الناطقين بالعربية أحلام الجنان والحور العين والغلمان وأنهار الخمر والعسل واللبن والماء والتين والرمان وجنات مملوءة بالأعناب، وكلما حاول أن ينبثق منهم فجر جديد حاولوا ويحاولون إنهاءه بشتى وسائل التآمر واستدعاء العداوة عبر مسميات عدة، قاعدة ونصرة وجيوش إسلام، ما أنزل الله بها من سلطان.

لذلك نجد أن سورية قاومت الإرهاب أينما وجد، ودعت لتعريفه، ووضعت قواعد لمحاربته ومكافحته وإنهائه، إلا أنه وأجزم أن الآخر الذي يحرك هذه الأدوات يستفيد منها، أولاً لتأخيرنا عن الركب وإبعادنا عن المواكبة، حيث يعتقد أننا أهل للتطور، وهذا ما يرعبه ويعمل جاهداً على تطبيقه، لأن المستهدف الرئيس هو سورية، وكتبت سابقاً في هذه الصحيفة الغراء «الوطن» أنه لو نجح الإرهاب في سورية لساد العالم أجمع إرهاب أمريكا والكيان الصهيوني، فهل نتعظ؟

طبعاً تدين سورية إرهاب الكيان الصهيوني وإرهاب الدول العظمى، ليس لها فقط، وإنما لكامل الشعوب والأمم شعباً وجيشاً قيادةً وقائداً قولاً وفعلاً، على الرغم من أنهم انقضوا عليها، حاولوا استباحتها، وهجموا بكل قواهم، واستعانوا ببعض الفصائل الفلسطينية التي حمتها سورية، ودربتها، وقدمت لها كل ما يفيدها، انضمت إلى الهجمة الإرهابية الهمجية التي قاومتها سورية، وتحملت من نتاجها الخسائر الجمة بنياناً وأجساداً وأرواح شهداء وجراحاً طالت الأرجل والأيادي التي مدت لخير الأمة والأعين التي نظرت لحمايتها، المهم النتيجة التي يجب أن تمنحنا فهماً عميقاً للقومية ومشاعرها.

د. نبيل طعمة



عدد المشاهدات: 3601

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى