ازدواجية الانتماء . د. نبيل طعمة الثلاثاء, 9 آب, 2016 الإسلامي تشير إليه المعطيات مؤكدةً أن حاضره وليد ماضيه، وأنَّ هذه الأمة لم تقدر على فهم هذه العلاقة بينهما، ما أنشأ جدلية دائمة وضعتها في متاهة تأخير التطوّر، ما أثبت تراجعها، وأدى إلى توالد الأسئلة والبحث المستمر عن حلول لتطويرها، وهذا لا يتم إلا من خلال وعي جديد، يسقط على الحاضر، كي يستوعب الماضي ضمن حدود معينة والكيفية التي نذهب بها من خلال هذه الازدواجية إلى المستقبل، وأعباؤها الهائلة تحيطنا، بل أكثر من ذلك مركبة على كواهلنا، تخترق الهدأة والحركة والسكون، نتفكر، نجد أنَّ أمماً كثيرة قامت وتشكلت منها دول تضاءلت حتى الفناء، وكبرت فيها دول إلى أن سيطرت على بعضها، وكذلك كانت المعتقدات التي جسدت الأدوار الرئيسة في حركة التاريخ الدؤوبة، وأن من أعقد أغاليط الواقع المعيش أنه ممتلئ بالمتناقضات، ولذلك غدونا بحاجة ماسة للخروج من هذا الواقع الممتلئ بالاضطرابات وتشكيل محاولات للخروج من مخرجات الماضي والتخلص من سلبياته، فإنسان الحداثة تتملكه الحيرة الدائمة في مجريات أموره، فلا يمتلك برهاناً يشير بدقه إلى مواطن الخلل، ولم يقدر حتى اللحظة على تقديم البرهان النهائي الذي يأخذ به إلى الخلاص من حيث إن سواد البراهين أنجزت في الماضي، وأشباح المبرهنين الراحلين بالتتابع مازالت تهيمن على عقولنا، وتنبض في قلوبنا، وأكثر من ذلك أنها تسيطر بقوة على بصائرنا ومصائرنا، فحياة أصحاب البراهين السابقة أموات، وهم على الرغم من رحيلهم مازالوا أقوى وأبقى من حياتنا كأحياء، ومهما حاولنا الهروب إلى الأمام نجد أن الماضي أمامنا، يحكمنا إليه بقوة لماذا؟ لأن الماضي ينتقل بالوراثة الجينية والانتقالات الفكرية والولادية، واقتحامه في الأمام معقد ومركب لدرجة خطرة، وخطورته تتجسد في بوابات التكفير والإلحاد والزندقة، فالرغبة وحدها لا تكفي لحظة تقرير المسير إلى الأمام؛ هذا الأمام إما أن يعيدك إلى أبعد من الوراء، لينهيك أو ينقذك بمفردك، لأن الجمع يستصعب الإيمان فيه، وإن أخضعنا كل ذلك للتجربة، نجد أنها محفوفة جداً بالمخاطر، وحين نعود للتدقيق مما اعتور الدين الإسلامي منذ ظهوره وصولاً إلى انتشاره وتشكله من التنوع الهائل للثقافات التي دخل إليها ووحدها تحت رايته، مطلقاً العنان لظهور أمة جديدة أو عالم جديد يحمل مسمى الأمة الإسلامية، أو العالم الإسلامي، وما هو إلا عبارة عن مجموعة عوالم مختلفة المفاهيم والمبادئ، اعتنقت ديناً واحداً، ويدخل عليهم المفسرون باجتهادات وأفكار وآراء شكمتهم إليها، وأوقفتهم عند حَرْفيّتها، فارضة المحرم من دون السماح للاجتهاد فيه، وأكثر من ذلك الدخول ممنوع على المحلل، ليتحولوا نتاج ذلك من مؤمنين جادين وموثوقين إلى متدينين، ينفذون الفرائض بالغرائز، لا بركائز الإيمان، محولين بذلك الإيمان بالحياة وموجدها إلى عيش ولهاث، مبتعدين عن حركة التطور التي تسمح بتغير البُدَه وقبول التطور مع كل إبداع أو قادم جديد، وضمن هذا السياق، إذا نظرنا إلى الحضارات، وخضنا عناصر مكوناتها، نرى أن التحولات الهائلة حصلت بها من خلال تبادل الثقافات والتعرف على حركة الأمم ولغاتها وفنونها. |
|