مجلس الشعب السوري
اسم المستخدم
كلمة المرور
نسيت كلمة المرور
تسجيل جديد
 الرئيسية 

مصطلحات.. للعلف السياسي والثقافي.. بقلم: د. فايز الصايغ

الثلاثاء, 1 آذار, 2016


قبل ثورة التكنولوجيا الراهنة، وقبل اتساع رقعة الأقمار الصناعية التي تجوب فضاءاتنا العربية، وقبل الإنترنت ومع بداية تسويق فكرة العولمة، نظمت الوكالة العربية السورية للأنباء "لا أذكر التاريخ بالضبط" نظراً لعدم تمكننا هنا في الإعلام من أرشفة الذاكرة الإعلامية السورية بشكل حديث.. نظمت ندوة عن العولمة وأظفارها وأهدافها التي أذكر منها أن العولمة تهدف إلى تسطيح التمايز في الثقافات بين الشعوب..
في تلك الندوة غير المسبوقة لم يكن مصطلح "العولمة" مفهوماً على المستوى الثقافي أو الشعبي أو حتى الرسمي، ويومها تعرفت على مقولة شهيرة للكاتب المغربي "محمد بلعزيز" يتحدث فيها عن العولمة ويختصر أهدافها بأنها غاية النظام العالمي الجديد، لكنه يقدم مثالاً حياً حين يصف أقفاص دجاج المداجن والكائنات المحشوة فيها، بقوله.. كائنات بيضاء متشابهة، رتيبة بهاء خالية من أي معنى سوى معناها الغذائي الصرف بعد أن نُزعت من الدجاج ألوانه ونكهته وحضوره وشخصيته وسيادته واستقلاله بحجة تعميم الفائدة.
ويستطرد الكاتب بالوصف والتحليل وهو يطيل النظر في أقفاص دجاج المداجن ويُسقط الصورة على بني البشر في أمن العولمة والنظام العالمي الجديد ويخلص إلى نتيجة مفادها أننا في زمن العولمة الكاسح تريدون لنا أن ندخل كمجتمعات لها جذور تاريخية وثقافية عرقية في مرحلة العلف الثقافي والفكري والسياسي على أنقاض ذكريات طازجة عن وطن حر، سيّد، مستقل ذي نكهة متميزة عن كافة أوطان الشعوب.
الصحيح أن الثقافة العربية تعاني مشكلات وعقبات وموانع كثيرة، تجعلنا في وضع غير مستقر جراء احتكاك ثقافتنا العربية بالثقافات الغربية القائمة على التحديث والحداثة، وهو تطور لم تشهده الثقافة العربية وخاصة عندما غرقت هذه الثقافة في نهج التدين والأديان.
لا أدعو إلى الانغلاق التام في وجه العولمة السائدة الآن وبخاصة بعد انتشار الأقمار الصناعية ما فوق الأقمار الوطنية العربية على قلتها وعلى سلبية تحكم أهل المال في مداراتها وبما تحمل من رؤى أنانية أو سياسية أو حتى مجتمعية.
الأهم في هذا العرض هو ما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد في حديثه الواسع أمام نقابة المحامين ومجالسها الفرعية في المحافظات حين وضع أصبع الطبيب على الجرح النازف في جسد الأمة العربية منوهاً بأن الحرب التي فُرضت علينا هي حرب مصطلحات، بدأت أو تمظهرت خلال العقود الثلاثة الماضية، اتسعت هذه الحرب بعد انتشار الأقمار الصناعية والمستقبلات الفضائية وتوسعت مع دخول الإنترنت منازلنا وأصبحت هذه المصطلحات تغزو عقولنا وتصل إلى كل مواطن.
ما أود قوله هو كيف يمكن الاستفادة من العولمة لتحديث وتطوير مجتمعاتنا، وكيف يمكن تلافي الأضرار الناجمة عن تأمين أجيالنا مصطلحات تناقض مع ثقافتنا. أراه موضوعاً يستوجب التوسع في بحثه في مقالات قادمة.



عدد المشاهدات: 3255

طباعة  طباعة من دون صور


رزنامة نشاطات المجلس
للأعلى