www.parliament.gov.sy
الخميس, 4 حزيران, 2015


قوانين مكافحة الفساد تنتظر دورها على جدول أعمال الدورة العادية العاشرة...

يدخل العامل الأخلاقي بلا شك عنصراً مهماً ومؤثراً في الحد من جرائم الفساد،

غير أن القانون يتدخل في جميع الأحوال إلى جانب الأخلاق ليمنح المبادئ الأخلاقية صفة الإلزامية ويدفع الأفراد إلى احترامها تحت طائلة مساءلتهم قانوناً وتحت هذا العنوان نشر موقع مجلس الشعب مؤخراً استطلاعاً حول أكثر أشكال الفساد انتشاراً في القطاع الحكومي شارك فيه «701 » متصفح من أعضاء المجلس والزوَّار وكانت النتائج كالآتي: عبر 30% من المشاركين في التصويت أنه في المقام الأول لأشكال الفساد يأتي تعيين الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب , وبنسبة 25% سوء الإدارة و بنسبة 15% الرشوة وبنسبة 11%الواسطة والمحسوبية وبنسبة 9% الهدر والإسراف والتبذير وبنسبة 3% إنفاق المال العام على المصالح الشخصية و1% استخدام المصادر والممتلكات العامة شخصياً.

الإدارة الرشيدة

عن تقييمه لأهم الملفات الاقتصادية والمالية والخدمية التي سيبحثها المجلس خلال دورته العادية العاشرة في السابع من الشهر الجاري  ومدى متابعتها من الجهات الحكومية يقول نائب رئيس المجلس فهمي حسن: إن الأولويات الآن هي الحفاظ على الأمن الغذائي والدوائي ودعم مستلزمات صمود قواتنا المسلحة وقوى الأمن الداخلي, ولفت نائب رئيس مجلس الشعب إلى أن الأعضاء يطالبون الحكومة بمتابعة تأمين متطلبات برنامج الإغاثة وإعادة الإعمار والتعويض على المتضررين ومحاربة الفساد والحد من الهدر وضبط الإنفاق والعمل على تعزيز استقرار سعر صرف الليرة السورية ليصل إلى مستويات متوازنة وإعادة تفعيل العملية الإنتاجية.
كما يشدد الأعضاء خلال اجتماعاتهم مع الحكومة على ضرورة بذل جهود استثنائية في ظل الظروف الراهنة وتفعيل الرقابة على الأسواق ومحطات الوقود وزيادة عناصر الرقابة التموينية وضبط الأسعار والحد من ارتفاعها العشوائي وتفعيل دور مؤسسات التدخل الإيجابي بما يوفر جميع المواد الأساسية للمواطنين بأسعار مقبولة ومحاسبة المخالفين ومستغلي الأزمات ومحتكري المواد التي تلامس حاجة المواطنين ويضيف حسن: لمسنا في المجلس أن الإدارة الحكيمة والدبلوماسية لكل الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية عززت مقومات الصمود  كما أن سورية أفشلت كل رهانات أعدائها بتحويلها إلى دولة فاشلة والنيل من صمود أبنائها واقتصادها الوطني وسيادتها واستقلالها, ورغم الأزمة لا تزال الحكومة مستمرة في دعم المواد التموينية والمشتقات النفطية إضافة إلى استمرار مجانية التربية والصحة مع تقديم المساعدات الإغاثية ودفع التعويضات للمتضررين.

ربط الأسعار بالدولار.. جريمة جنائية

وعن دور القضاء في محاسبة الفاسدين والمرتشين والمتلاعبين يقول عضو مجلس الشعب شمس الدين شداد: إن «السلطة القضائية يجب ألا  تتهاون تجاه جشع المتلاعبين بأسعار المواد الغذائية والتموينية الأساسية ولاسيما أن ربط أسعار المنتجات بسعر الدولار يشكل جريمة جنائية» مشدداً على أن «الخطر الذي يمثله رفع أسعار المواد الاستهلاكية من قبل هؤلاء الجشعين والمتلاعبين بالأسعار لا يقل عن خطر الإرهاب الذي يستهدف المدن السورية».
ويضيف شداد: إن المطلوب إجراء دورات تدريبية للضابطة العدلية التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومديرياتها والمكلفة تنظيم المخالفات والضبوط التموينية مشيراً إلى «وجود عدد من المشكلات في الضبوط تتعلق بنقص الإجراءات والبيانات».
وأكد شداد أن التجار والباعة الذين لا يبرزون الفواتير ولا يتداولونها تنظم بحقهم الضبوط التموينية مبيناً أن الوزارة لديها 720 مراقباً تموينياً لضبط الأسواق... كما أن في إمكان الوزارة الاستعانة بقضاة وزارة العدل لتدريب كوادرها من خلال الدورات التدريبية.

ظاهرة الرشوة

ويقول عضو مجلس الشعب مصعب الحلبي: إن وضوح وشفافية النصوص القانونية يضيقان هامش الفساد ويحدان أيضاً من ظاهرة الرشوة المتفشية، ونبه إلى أهمية إعادة النظر في الثغرات الموجودة في بعض النصوص القانونية التي من شأنها أن تكون منفذاً للفساد، داعياً إلى اعتماد معايير شفافة وعروض واضحة ولاسيما في عقود الدولة ومنح فرص متساوية لجميع المتقدمين والعارضين.
وأوضح الحلبي أن قوانين مكافحة الفساد ستعمل على وضع سياسات واستراتيجيات وقواعد وآليات للوقاية من الفساد وستقوم بدراسة أماكن النقص في التشريعات الحالية للعمل على صدور قوانين أكثر دقة في معالجة هذه المشكلة.
ويضيف الحلبي: إن قوانين مكافحة الفساد الموجودة في سورية بما فيها قانون العقوبات العام وقانون العقوبات الاقتصادية وقانون الكسب غير المشروع غير كافية، مؤكداً أن مكافحة الفساد والوقاية منه لا يمكن أن تتم إلا بإشراك الناس بالتصدي للمشكلة عبر الإبلاغ عن الفساد حيث يتمكنون من اكتشافه أيضاً.

وظيفة علاجية ووقائية

من جهته رأى عضو مجلس الشعب فاضل وردة أن الفساد يهدد استقرار المجتمعات بالنظر إلى ما ينجم عنه من عدم الثقة في المؤسسات والقانون، وما يؤدي إليه ذلك من إفراغ كل مخططات الإصلاح والتنمية من محتواها نتيجة تراجع سيادة القانون.
ورغم الخلاف بشأن طبيعة الوظيفة القضائية وما إذا كانت وظيفة علاجية أو وظيفة وقائية أو الاثنتين معاً، فإن الأكيد أن دور القضاء في مكافحة جرائم الفساد يبقى مهماً ويتراوح بين الدور العلاجي المتمثل في الردع الخاص من خلال المحاسبة والعقاب واسترداد الأموال وبين الدور الوقائي المتمثل في الردع العام.
وفي هذا السياق يضيف وردة : إن نهوض السلطة القضائية بتطبيق القانون بكل حياد وتجرد مع استقلالها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية يجعلها أكثر كفاءة وقوة لكشف جرائم الفساد ومعاقبة مرتكبيها، لذلك فإن محاربة الفساد تمر حتماً عبر توفير عدالة جنائية فعالة تكفل مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال إقرار مجموعة من المبادئ والآليات القانونية لتفعيل العدالة الجنائية في مجال مكافحة جرائم الفساد، فضلاً عن خلق مجموعة الآليات المؤسساتية والإجرائية للكشف عن الجريمة وتشجيع الإبلاغ عنها.

تشديد العقاب

ويرى عضو مجلس الشعب محمد الخبي أن قيام الأجهزة القضائية بدورها في مكافحة جرائم الفساد وإقرار سيادة القانون يتطلب صون مبدأ استقلال القضاء وتخصصه، ودعم الحق في الوصول إلى المعلومة، فضلاً عن توسيع دائرة التجريم وتشديد العقاب.
وفي هذا الإطار فقد جعلت بعض الدول ومنها سورية استقلال القضاء مبدأ دستورياً، ومازال الدستور السوري الجديد يقوم على الفصل بين السلطات الثلاث للدولة، مع إقرار آليات للتعاون فيما بينها، ضماناً لفعاليتها وديناميكيتها.

دور المؤسسات الرقابية

عن دور المؤسسات الرقابية في مكافحة الفساد يقول عضو مجلس الشعب زهير طراف: تتميز جرائم الفساد بصعوبة كشفها بالنظر إلى كونها جرائم مالية معقدة وتستخدم في إخفائها وسائل متطورة، على نحو أصبح معه من اللازم الاهتمام بتعزيز قدرات أجهزة المراقبة والتفتيش وضمان استقلالها الوظيفي، مع دعم الحق في الوصول إلى المعلومة وحماية المبلغين والشهود والخبراء.
كما يعدّ مجلس المنافسة من آليات ضمان المنافسة الحرة والتنافسية المفتوحة، وصيانة حرية السوق من كل أشكال الاحتكار، كما يعمل على إحالة كل فعل يخل بحرية الأسعار والمنافسة على الجهة الرقابية المختصة من أجل تحريك المتابعة وإحالة الفاعلين إلى هيئة المحاكمة.

في المسار الصحيح

لاشك في أن الدورة العادية العاشرة لمجلس الشعب ستكون حافلة بالمناقشات والمداخلات واللقاءات مع الحكومة وما ينتظره المواطن من ممثليه ألا يسمح بالتهاون مع الفاسدين والمقصرين والمحتكرين والمعتدين على المال العام وسارقي قوت الشعب، والتأكيد على حماية المال العام وعدم استنزافه ووضعه في مساره الصحيح، وعدم  التقليل من أهمية الدور التكاملي بين الجهات الحكومية والفعاليات المجتمعية للمحافظة على الأملاك العامة والخاصة .

يسرى المصري – تشرين – صوت الشعب -