www.parliament.gov.sy
الاثنين, 19 كانون الأول, 2016


د. أشواق عباس ضيف وكالة

أجرت "سبوتنيك" الحوار الآتي، مع عضو مجلس الشعب السوري ونائبة عميد كلية العلوم السياسية بجامعة دمشق د./ أشواق عباس، عقب انتصارات الجيش السوري في حلب، وتعالي الأصوات الغربية لتشويه هذا النصر وتحويله إلى جريمة، والمناداة بفرض عقوبات على روسيا لمساندتها للدولة السورية.

سبوتنيك: وفقا لتصريحات المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا عن تخوفاته بشأن إجلاء المسلحين من حلب إلى إدلب…برأيك هل ستتحول إدلب إلى حلب أخرى؟ د.أشواق: بداية، ما يدور في حلب مهم جدا، فلن نتحدث فقط عن انتصار عسكري للجيش في الميدان، فنحن الآن أمام مرحلة جديدة واتجاه جديد في المراحل الحقيقية المؤسسة لحل الأزمة السورية، فانتصار حلب بمثابة وضع الحل السياسي نصب أعين الأطراف الدولية، فلم يعد من المنطقي التعنت من قبل الأطراف الدولية وبخاصة الطرف الأمريكي، التعاطي بشكل غير سلمي، المتمثل في تمويل الجماعات المسلحة ماديا وعسكريا ولوجيستيا، ونستطيع أن نقول بالفعل أن الانتصار العسكري للجيش السوري في حلب استطاع أن يؤرق مضاجع الغرب. أما فيما يخص تصريحات ديمستورا فليس بغريب عليه التناقض الذي تحويه تصريحاته من حين لآخر، ففي بداية الأمر كان يدعو لخروج المسلحين من حلب وكان قد تبرع بنفسه أن يمشي في مقدمة هؤلاء المسلحين الإرهابيين، ولم يتحدث يوما عن معاناة المدنيين السوريين في المدن المحاصرة، وهو الآن في تصريحاته تجاوز مرحلة حلب ويتحدث عن مخاوفه من أن يتكرر ما حدث في حلب في إدلب إذا ما اضطر المسلحون لمغادرة إدلب. لا خلاف على أن المعركة القادمة ستكون في إدلب، لكن لوجيستيا وعسكريا وجغرافيا، إدلب تختلف عن حلب، فمعركة التحرير في المناطق الشرقية من حلب كانت تضطر قوات الجيش إلى تتبع الإرهابيين من بيت إلى بيت ومن منزل إلى منزل آخر، لكن في إدلب لطبيعتها الجغرافية الممتدة، سيكون هناك أريحية في تعامل قوات الجيش معها عند تحريرها أكثر مما شهدته في حلب. النقطة الأهم الآن، اليوم إدلب هي نقطة لتجميع القوى الإرهابية التي قدمت إلى سوريا على مرأى ومسمع من العالم كله، لذا فعند إعلان الحرب في إدلب لتحريرها، لن نجد من يقف من المجتمع الدولي ويقول أنا ضد القضاء على جبهة النصرة المتمركزة في إدلب، والجميع يعلم أن جبهة النصرة كانت قد أحكمت سيطرتها على إدلب في البداية، والنقطة الثانية وهي الأهم أن جبهة النصرة هي إحدى المجموعات المدرجة على قوائم الإرهاب في مجلس الأمن، لذا فالحديث عن حلب يختلف تماما عن تحرير إدلب، لأن معركة إدلب سيكون بها أسرى، وسيكون من المستحيل وقتها أن يخرج من يقول إن ما تفعله سوريا هو مخالف لأطر السيادة والشرعية الدولية، وهذا ما يبرر اليوم الهيستيريا في الخطابات الدولية التي أعقبت معركة تحرير حلب بما فيها تصريحات ديمستورا نفسه. سبوتنيك: مطالبات ديمستورا بإجراء مفاوضات كي لا تتحول إدلب إلى حلب أخرى حسب تصريحاته، هل تترجم قدرة ديمستورا على جمع رؤوس المعارضة على طاولة المفاوضات من جديد؟ وما نسبة نجاح محاولة كتلك التي يدعو إليها ديمستورا في تقديرك؟ د.أشواق: لن يستطيع ديمستورا جمع أطراف، فالوضع الحالي الآن يحكمه طرفان رئيسان، الطرف الأول هو الدولة السورية بما تتمتع به من سيادة وشرعية دوليه وفق قوانين الأمم المتحدة، فالتعاون مع الطرف الروسي والإيراني جاء في إطار علاقات تخضع للقانون الدولي، أما الطرف الثاني فهو مجموعات مسلحة تم استقدامها إلى سوريا عن طريق أطراف كثيرة، فمنها ما استقدمته تركيا ومنه ما استقدمته قطر والسعودية والأردن بكل أسف وحتى إسرائيل، وهناك المجموعات المستخدمة من قبل الأطراف الغربية مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وأمريكا أيضا، وهناك المجموعات التي أتت من تلقاء نفسها تحت ما يسمى بمشروع المسيرات الإسلامية. والواقع يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية عجزت عن جمع أطراف المعارضة بما فيها المسلحة منها، باستثناء الجماعات المصنفة دوليا على أنها إرهابية على طاولة واحدة، فهل سيستطيع ديمستورا أن يجمع هؤلاء؟ ولقد اختبرنا تلك التصريحات عدة مرات وليس مرة واحدة عبر الأروقة الدولية في جنيف 1،2،3، ولكن ما يلبث أن يدب الصراع بينهم حتى في الأروقة الداخلية للأمم المتحدة، مما دفع السفير الأمريكي أن يقول إن المعارضة السورية قد خذلتهم، وأنه من المستحيل المراهنة عليها، فديمستورا لن يستطيع ليس بمنطق العقل وإنما بمنطق الإرادة الدولية وهو أمر بديهي، ولكن السؤال الأهم الآن، هل ستدافع الأمم المتحدة متمثلة في ديمستورا والولايات المتحدة الأمريكية عن الجماعات الإرهابية المسلحة المتمثلة في جبهة النصرة عند بداية تحرير إدلب؟ وأنا أقول نعم سيدافعون عن جبهة النصرة، بل إننا سنشهد خلال الفترة القادمة تغيير مسميات تلك المجموعات من المعارضة المسلحة والمعارضة المعتدلة كما تطلق عليها أمريكا إلى مجموعات ما يسمى بـ"الدول المحلية". سبوتنيك: هل ستنتهج الأمم المتحدة سياسة التشويه لإنجازات الجيش السوري والتي انتهجها الغرب ووسائل الإعلام الخاصة به، والترويج على أن ما حدث في حلب هو مذبحة تمّت ببنادق الجيش السوري، والتحذير من مغبة تكرارها في إدلب عقب إجلاء المسلحين إليها؟ د.أشواق: هذا السؤال مهم جدا، ولن أتحدث هنا عن الأمم المتحدة كمنظمة دولية، وإنما بوصفها منظمة تسيطر عليها بعض الدول كـ"أمريكا"، والتي لم تتوان ولو لحظة واحدة عن الإساءة للدولة السورية والجيش السوري وحتى للشعب السوري، فعندما تصادر الأمم المتحدة حق الشعب السوري في تقرير مصيره وتتحدث باسم الشعب السوري على خلاف رغبة الشعب السوري الموجود على الأراضي السورية هي أكبر إساءة تلقاها الشعب السوري من الأمم المتحدة، إلى جانب اجتماع الأمس بالأمم المتحدة الذي تعالت فيه الأصوات الأمريكية والفرنسية بأن هناك مذابح ميدانية مقامة في حلب، ولم يستطع أحدهم تقديم صور تثبت تلك الاتهامات الباطلة، وهي إساءة أخرى قدمتها الأمم المتحدة بحق الشعب السوري ودولته. نحن نتحدث اليوم عن محاولة استعادة زمام ما تم الفشل فيه عسكريا، فمن الطبيعي جدا، عندما تفشل الولايات المتحدة في تحقيق إنجازها في حلب أن تنتقل — عبر منبرها في الأمم المتحدة الذي تسيطر عليه، وعن طريق المندوبين الدوليين، وحتى عن طريق جمعيات حقوقية حكومية وغير حكومية- إلى مرحلة تشويه انتصار الجيش السوري عليها أو على الأقل وضع القليل من السواد على قميص الانتصار الذي ارتدته سوريا بإنجازات الجيش السوري في حلب. كما أن عدم المهنية في التعاطي مع الموضوعات المقدمة من الجبهات السورية من قبل الأمم المتحدة، أمر أصبح واضحا للرأي العام، بالمقارنة مع تعاطيها مع الجبهات الأمريكية، بالإضافة إلى ازدواجية المعايير الذي تتمتع بها الأمم المتحدة والتي ما تميل دائما لصالح الكفة الأمريكية بحكم سيطرة أمريكا على تلك المؤسسة، والتحيز الواضح لجهة دون أخرى، ولكن هذا التحيز لم يعد الآن ضمن اهتمامات الدولة السورية، فاهتمامات الدولة السورية موجهة بشكل كامل الآن إلى تحرير كافة المناطق الواقعة تحت قبضة وسيطرة الإرهاب. نقطة أخيرة ومهمة أود إضافتها بهذا الصدد، وهو أن من ضمن شروط الإجلاء كان إجلاء الجرحى من منطقتي كفريا والفوعة، ومع ذلك لم تأبه الأمم المتحدة ولم تلتفت إلى هؤلاء الجرحى، مما يجعلنا نتساءل عن إنسانية ومدى حرص الأمم المتحدة على المدنيين، إلا إذا كان هؤلاء الجرحى ضمن الجماعات المسلحة فعند ذلك فقط قد تهتم الأمم المتحدة بهم، أما اذا كانوا محاصرين منذ ما يزيد على الأربع سنوات ولا سبيل لإيصال الأغذية والمساعدات لهم إلا عن طريق مروحيات الجيش العربي السوري، فأمر هؤلاء لا يهم الأمم المتحدة كثيرا وقد لا تفكر في طرق إغاثتهم. سبوتنيك: الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يقول إن فرض عقوبات على روسيا للانتهاكات الإنسانية في سوريا هو خيار مطروح في اجتماع مجلس الأمن السؤال هنا يخص فرنسا راعية السلام في الصراع العربي الإسرائيلي، لماذا تتوجه فرنسا للمناداة بفرض عقوبات على روسيا جراء الحرب في سوريا أو توافق على اجتماع يناقش هذا الأمر ولا تفعل ذلك مع إسرائيل وانتهاكاتها بحق الفلسطينيين؟ د.أشواق: ولماذا نبتعد، فلنتحدث عن العراق وليبيا، ألا توجد هناك جرائم حرب في ليبيا على سبيل المثال؟ ولكن الفرق بين سوريا وليبيا أو العراق، هي أن القوى المتورطة هناك ليست متحالفة مع الدولة السورية، فالمتورطون في ليبيا هم فرنسا وبريطانيا وأمريكا، في حين أن في سوريا يحاول هؤلاء أن يضفوا صفة الانتهاكات الإنسانية التي يقومون بها في دول أخرى على الدولة السورية وعلى الدور الروسي، وما حدث من فرنسا ليس منوطا بفرنسا في واقع الأمر، وما هو إلا نوع من تبادل الأدوار،وما هو إلا نوع من تبادل الضغوط بين الدول الغربية الكبرى، بمعنى أن القرارات مصدرها واحد، ولكن نقطة انطلاق القرار قد تختلف في كل مرة، وفي هذه المرة جاء الدور على فرنسا لا أكثر ولا أقل. وفي اعتقادي أن من حق روسيا أن تستخدم حق الفيتو إذا ما تم فرض عقوبات عليها أو اتخاذ قرار بشأنها، كما هو مخول لأمريكا والدول الغربية استخدامه. وفي اعتقادي، إن هذا المشروع لن يتم تمريره باعتبار أن هناك قواعد عمل في مجلس الأمن وهذه القواعد هي من مصلحة الدولة الروسية الآن. سبوتنيك: تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تشير ألى أن أمريكا ترمي الكرة في ملعب روسيا، عندما قال، إن انتهاء الحرب في سوريا متوقف على قرار سوريا وروسيا تعليقك على هذا الأمر…وما هو تفسير لهجة التخلي عن الدور الأمريكي في سوريا المبطنة والتي تحويها تصريحات كيري؟ د./أشواق: كنا نتمنى أن تكون أمريكا في يوم من الأيام مثالا حقيقيا للديموقراطية كما تطلق على نفسها، وكنا نتمنى أن تعمل على حقن دماء السوريين، ولكن كان واضحا أن الأمريكيين تورطوا في كل ما حدث في سوريا منذ اللحظات الأولى وحتى اليوم. فمنذ اللحظة الأولى تقلد أوباما وكلينتون زمام الأمور وأصبحا يتحدثان بأسماء الشوارع المحلية في المدن السورية، واليوم تقول أمريكا إن هذا الموضوع لم يعد من شأنها، وأنه مرهون بالروس، وبالطبع الروس ليسوا القادرين على ايقاف الحرب في سوريا، وحتى نصل إلى مرحلة إنهاء الحرب لابد أن تتفق القوى الدولية على مكافحة الإرهاب. سبوتنيك: أفاد مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الخاص بسوريا يان إيغلاند بأن من يتم إجلاؤهم من حلب لهم الحرية في اختيار الأماكن التي يتوجهون لها، وأشار إلى أن البعض منهم قد يطلب التوجه إلى تركيا توقعاتكم عن طبيعة الموقف التركي من استقبال من يتم إجلاؤهم من حلب، وبخاصة العناصر المسلحة منهم؟ د./ أشواق: سأتحدث عن حقائق ووقائع وليست توقعات، فـقبل يومين صرح أردوغان أن تركيا أصبحت جاهزة لاستقبال المسلحين العائدين من حلب، وقد شاهدنا صورا لناقلات تركية تستعد لنقل المسلحين، وسيستغل أردوغان الموقف بالعودة بهؤلاء إلى تركيا لتدريبهم من جديد، استعدادا منه بمعركة قد لا تكون بعيدة، ولا اعتقد أن المساعي التركية بهذا الشان هي مساعي إنسانية بحتة، فكل من يخرج إلى الباصات التي جهزتها الدولة السورية كانوا مسلحين وفي اعتقادي إنهم جنود ممكن أن يستفيد منهم أردوغان مستقبلا للضغط على الدولة السورية.