www.parliament.gov.sy
الخميس, 14 أيار, 2015


نص التصريح الفرنسي المتضمن استقلال سورية

نص التصريح الفرنسي المتضمن  استقلال سورية

دمشق 27/9/1941

أيها السوريون , في اليوم الثامن من شهر حزيران الماضي عند دخول جيوش الحلفاء بلاد المشرق أذعت عليكم باسم فرنسا الحرة ورئيسها الجنرال دي غول بياناً اعترفت فيه لسوريا بصفة الدولة المستقلة ذات السيادة تضمنها معاهدة تحدد فيها علائقنا المتبادلة .

وفي الوقت نفسه أذاعت الحكومة البريطانية حليفة فرنسا الحرة بالاتفاق معها بياناً اشتركت فيه بهذا العمل السياسي الخطير .

وفي السادس من الشهر الحالي حققت مضمون بيان 8 حزيران 1941 وحولته من مصاف المبادئ المكتسبة إلى حيز المؤسسات والحقائق الراهنة .

وهكذا فقد أتيح لسوريا المستقلة ذات السيادة العهد الذي تتولى فيه مقدراتها .

لقد قبل فخامة الشيخ تاج الدين أفندي الحسني أن ينظم عهد الاستقلال الجديد . وقد عينه لهذه المهمة السامية ما تحلى به من خبرة في الأعمال ومعرفة  صميمية للضرورات العامة .

وإني أؤكد له وللأمة السورية النبيلة مؤازرتي ومعاونتي المخلصة .

وسأقوم بهذه المعاونة مستوحياً المبادئ التالية :

تتمتع الدولة السورية بالحقوق والميزات التي تتمتع بها الدول المستقلة ذات السيادة .

ولا تخضع هذه الحقوق والميزات إلا للقيود التي تفرضها حالة الحرب الحاضرة , وأمن البلاد ,وسلامة الجيوش المتحالفة .

 ومن جهة أخرى فإن موقع سوريا في الواقع كحليفة لفرنسا الحرة وبريطانيا العظمى يستدعي انطباق سياستها انطباقاً وثيقاً على سياسة الحلفاء .

وحيث أن سوريا دخلت في الحياة الدولية فإنها تنتقل إليها طبعاً الحقوق والواجبات المعقودة باسمها .

ويحق لسوريا أن تعين ممثلين سياسيين لها في البلدان التي ترى أن مصالحها تقضي بهذا التمثيل , أما في سائر البلدان الأخرى فإن سلطات فرنسا الحرة تقدم المساعدة لتأمين الدفاع عن حقوق سوريا ومصالحها العامة وحماية التبعية السورية فيها .

ويحق للدولة السورية أن تشكل قواتها العسكرية الوطنية وتقدم لها فرنسا الحرة مؤازرتها التامة لذلك .  

لقد تعهدت بريطانيا العظمى مراراً بأن تعترف باستقلال سوريا وستتدخل فرنسا الحرة بدون إبطاء لدى سائر الدول الحليفة أو الصديقة لتعترف أيضاً باستقلال الدولة السورية .

ترى فرنسا الحرة أن دولة سوريا تشكل من الوجهة السياسية والجغرافية وحدة لا تتجزأ , وأنه من الضروري أن تضمن سلامة كيانها من أية تجزئة كانت ,ولذلك فهي ستساعد على توثيق الروابط السياسية والثقافية والاقتصادية التي تجمع بين أجزاء الوطن السوري ,وبلوغاً لهذه الغاية سيعدل مندوب فرنسا الحرة   العام المطلق الصلاحية النصوص التي تضمن الأنظمة الخاصة الممنوحة سابقاً إلى بعض المناطق بطريقة تؤمن خضوع هذه المناطق سياسياًَ إلى السلطة المركزية مع استبقاء الاستقلال الإداري والمالي التي تظهر تمسكها الوثيق به . وهكذا وفق بين مبدأ الوحدة السورية وأماني تلك المناطق الخاصة .

ومن المفهوم أيضاً أن ضمانات الحقوق العامة المسجلة في النصوص الأساسية لصالح الأفراد والجماعات تبقى ويكون لها كامل مفعولها .

تتعهد فرنسا الحرة بالتوسط لدى سوريا ولبنان لإيجاد وضع أسس للتعاون الاقتصادي بين البلدين وإزالة الصعوبات التي يجابهها هذا التعاون في الوقت الحاضر , وهذا الاتفاق الضروري بين بلدين أخوين وجارين يجب أن يضمن حقوق الطرفين المشروعة المتبادلة , وأن يثبت العلائق بينهما على أساسي الثقة المتبادلة .

ومحافظة على استقلال سوريا وسيادتها وقياماً بمهمة الكفاح المشترك قياماً موفقاً يتحمل الحلفاء في فترة الحرب أعباء الدفاع عن البلاد .ومن أجل ذلك تضع الحكومة السورية تحت تصرف قيادة الحلفاء لأجل المساهمة في الذود عن أراضي البلاد القوى الوطنية السورية .

كما أن قيادة الحلفاء تتصرف منذ الآن بتجهيزات سوريا ومصالحها العمومية لاسيما طرق المواصلات والمطارات وإنشاءات الشواطئ وذلك على قدر ما تقتضي به الضرورات العسكرية .

وتقضي مهمة الذود عن البلاد بأن يقوم تعاون وثيق في أي وقت كان بين الجنرال القائد الأعلى المندوب العام ودوائر الدرك والشرطة والأمن في الدولة السورية , إذ أنه من الواجب الدفاع عن سوريا في أيام الحرب ليس من أعدائها في الخارج فحسب بل ومن أعدائها في الداخل .

وبالنظر لاندماج سوريا في منطقة الحرب وفي نظام الحلفاء الاقتصادي و المالي يقتضي أيضاً أن يقوم أوثق تعاون بين الحكومة السورية والحلفاء لكي تتأمن في فترة الحرب وفي سبيل المصلحة المشتركة موجبات واحترام جميع التدابير المتخذة لتسيير الحرب الاقتصادية في طريق النجاح , وبلوغاً لهذه الغاية يمنح في فترة الحرب أكثر ما يمكن من التسهيلات لتأمين حرية التبادل بأوسع ما يمكن بين سوريا والبلاد الداخلة في كتلة الإسترليني , وسوريا التي انضمت إلى هذه الكتلة الإسترلينية تتحذ في الحقل الاقتصادي والمالي لاسيما في ما يتعلق بالقطع ( الكمبيو) التدابير اللازمة لتبقى متمشية مع سياسة الكتلة الإسترلينية العامة .

إن الأحكام الواردة أعلاه توفق بين احترام استقلال سوريا وسياستها من جهة ومقتضيات الحرب من جهة ثانية وهي تستوحي فكرة واحدة هي ربح الحرب وتأمين مستقبل حر للشعب السوري عن طريق هذه الطريق . وهي تحل المشكلة الفرنسية السورية حلاً منبثقاً عن عزم فرنسا الحرة على عدم تأخير تحقيق الأماني القومية السورية وتنفيذ وعود الحلفاء بالرغم من الحرب على أنه من الضروري أن يقوم مقام هذا الحل حل نهائي بأسرع ما يمكن على شكل معاهدة فرنسية سورية تكرس استقلال البلاد وتثبته تثبيتاً نهائياً .

لتحيى سوريا المستقلة ..

ولتحيى فرنسا ...

 

 

المصدر : الجريدة الرسمية  للجمهورية السورية _ العدد 40 تاريخ 14/10/1941