www.parliament.gov.sy
الأحد, 18 تشرين الأول, 2015


الأسد يرسم ملامح ستالين غراد كبيرة .. الغرب يتحول ؟جمال رابعة

كنت قد كتبت مقالا ً في بداية العام الحالي بعنوان الإرهاب وارتداداته على الأنظمة والدول الراعية  وختمته بسؤال مفاده :

هل أدركت العواصم نتيجة أفعالها ؟ وما ارتكبته بحق سوريا رئيسا" وشعبا" وجيشا" ؟ وهل اقتنع الغرب الأطلسي بأهمية وقدرة الجيش العربي السوري على اجتثاث الإرهاب في المنطقة وقد بان عجز هذا الغرب وعدم قدرته على تحقيق أي نتائج على المدى المنظور من دون اعتماده على طرف قوي في المنطقة.

ها هو اليوم الموعود هل علينا وأطل بحقائق دامغة أضحت واضحة لكل من كان يدعي أن الأمر كان ملتبساً عليه , وتبين فيه الخيط الأبيض من الأسود , وظهر وبان لعواصم الغرب الأطلسي خطر هذه العصابات التكفيرية , وعجزهم الميداني بالوقوف بوجه تمددهم العابر للحدود بقوات تحالف استعراضي تقوده أمريكا بسياسات تميزت بنفاق وازدواجية المعايير .

بعد أربع سنوات ونيف من الدعم اللوجستي والمالي لهذه القوى التكفيرية , والتغطية السياسية على مموليهم من آل سعود وآل خليفة وسلاجقة العصر في مقدمتهم أردوغان , أدرك الغرب الأطلسي خطأه الفادح بالتغاضي والتعاطي بجدية مع الإرهاب ذاهبا" لما كانت تفرضهم عليهم الإدارة الأمريكية بتوجهات سياسية ذات أهداف ومصالح اقتصادية ضيقة تحقق بعض المكاسب للشركات والمتنفذين من الساسة الغربيين بطريقة شراء الذمم من قبل آل سعود وآل خليفة متجاوزين مصالح شعوبهم وما يمكن أن يشكل الإرهاب مستقبلا" من خطر وزعزعة الاستقرار والأمن الدولي والإقليمي .

من هنا نرى الهرولة والتهافت الغربي باتجاه عواصم حلفاء سوريا موسكو وطهران , وسيل من التصريحات الغربية تتوالى وعلى ألسنة قادة هذه الدول بالقبول  ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة , وكما جاء على لسان الرئيس روحاني في مقابلة تلفزيونية مع شبكة سي إن إن الأمريكية قوله:

إن الجميع في وضع القبول ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة مقابل التفرغ لمحاربة الإرهاب , ونفى روحاني أي محادثات مباشرة مع واشنطن حول سورية قائلا" لدينا محادثات مع الاتحاد الأوروبي ودول أخرى وهؤلاء يتواصلون مع أمريكا وهذا يعني أن لدينا محادثات مع واشنطن إلا أنها غير مباشرة , هذا يفسر ويوضح الانعطافة والاستدارة في المواقف  من قبل الإدارة الأمريكية وفرض إملاءات على الساسة الغربيين ومن هنا بدأ التغيير وتدوير الزوايا والانعطافة الأخيرة الغربية جاءت من فرنسا .

وكما يقول الخبير الفرنسي في الشأن السوري الباحث الزائر في ( معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ) فابريس بالانش , إن زيارة الوفد النيابي الفرنسي الذي زار دمشق من قبل إنما تأتي اليوم مباركة فرنسية رسمية ضمنية وتتناغم مع التبدل في الموقف الفرنسي , كما أكد الباحث الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية أن سياسة فرنسا الخارجية تجاه سورية             ( أصبحت أكثر واقعية ) وقال : هنا في واشنطن لم يعد هناك كلام عن رحيل الأسد بل عن ضرورة إعادة الاستقرار إلى سورية ومع تأكيد رئيس الوفد الفرنسي جيرار بايت على أن الزيارة ( هي زيارة خاصة ) , إلا أن ما يثبت ويؤكد تميز سياسة الحكومة الفرنسية بالتخبط والفشل هو ما شهدناه بمعارضتها الشديدة لمشاركة إيران في مؤتمر جنيف الأول والآن أصبحت إيران جزء اساسي من الحل السوري وبمطلب دولي .

بالأمس ومن على منبر الأمم المتحدة الرئيس أوباما عاد إلى التصعيد الإعلامي بكلامه عن الرئيس الأسد وهذا ليس مستغربا" أنه لطالما تميز هذا الخطاب بجملة متناقضات ونفاق سياسي وازدواجية المعايير لكل ما يحصل في الساحة الدولية فالسيد أوباما لا يرى ما يحصل في اليمن وما تفعله طائرات آل سعود بأطفال ونساء وشعب وتاريخ اليمن ولا يرى فشل سياسته بما يسمى المعارضة المعتدلة في سورية حيث أصبحت في حضن داعش والنصرة .

جاء الرد حاسم وعلى لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقوله :

( نعتقد أنه سيكون خطأ" فادحا" التخلي عن التنسيق مع الحكومة السورية والجيش السوري الذي يواجه الإرهاب ويجب الاعتراف بأنه ليس هناك أي قوة فعالة أخرى تواجه الدولة الإسلامية والتنظيمات الإرهابية سوى الجيش السوري ووحدات الحماية الكردية وعلينا أن ننطلق من هذه الحقيقة .( نحن لا نستطيع أن نتحمل أكثر من ذلك )

من خلال ما تقدم تبين لنا أن من اسباب تراجع الغرب الأطلسي عن مواقفهم أنهم أدركوا خطأهم الكبير بسياستهم في سورية فاليوم جميعهم يقولون أن الأسد جزء مهم من الحل في سورية سواء اعترفوا أو لم يعترفوا هم يعلمون أن الأسد ليس فقط جزء من الحل بل هو عامل استقرار وطني واقليمي ودولي ولذا تنادوا جميعا" وتراجعوا عن مواقفهم كذلك أدركت هذه العواصم خطأها التاريخي بحق شعب سوريا وأنهم من أسباب هجرتهم داخليا" وخارجيا" هربا" من الإرهاب ونتائجه واستخدامه لكل أشكال القتل والتعذيب والاغتصاب والدمار والجهل والتخلف لجهة دور هذا الغرب بتغطية سياسية لهذه العصابات التكفيرية ومموليها وتاليا" مما شكل موجة من الهجرات الخارجية نتج عنه ضغطا" حقيقيا" على المجتمعات الغربية

في لقاء جرى بين الرئيس الروسي وسفير تركيا في روسيا وحسب صحيفة موسكو تايمز اتهم الرئيس الروسي تركيا والسعودية بدعم القاعدة في اليمن وسورية والعراق ونقلت الصحيفة عن فلاديمير بوتين قوله للسفير التركي فليذهب رئيسك ونظيره السعودي إلى الجحيم مع داعش كم رئيسك منافق يدعي الديمقراطية ويتغاضى عن النشاطات الإرهابية التي هدفها اسقاط الرئيس السوري

وأضاف بوتين لن تكون سورية سوى ستالين غراد كبيرة لأردوغان ونظيره السعودي ولن نتخلى عن دعم الحكومة السورية الشرعية مع حلفائنا إيران والصين لإنقاذ دولة عربية من الانحدار في فوضى عرقية ودينية .

الثابت والباقي حتى تاريخه في الضفة الأخرى في محور العدوان على سورية هو استمرار آل سعود وآل خليفة بذات النهج التصعيدي من دون إدراك الحقائق آنفة الذكر.

سورية التاريخ والحضارة الإنسانية لن تكون إلا كما قال بوتين ستالين غراد  كبيرةبصمود شعبها وجيشها وقائدها بوجه هؤلاء الطامعين الغزاة القادمين من خلف الحدود وكما قال السيد بشار الجعفري لممثل آل سعود في الأمم المتحدة : اليد التي ستمتد إلى سورية ستقطع , والتاريخ خير شاهد ونحن بكتابتنا نؤرخ اللحظة .