www.parliament.gov.sy
الاثنين, 24 آب, 2015


هرولة ٌ باتجاه دمشق .. قلب العروبة وقاهرة الإرهاب.. جمال رابعة

بدأت تداعيات الاتفاق النووي ترخي بظلالها  الإيجابية على كافة المشهد السياسي للمنطقة , ولاسيما المشهد السوري ,تشكل فيه طهران اللوحة السياسية الرئيسية التي تحاول أقلام الساسة الكبار أن تخط ضمنها الكلمات المفتاحية  للحل السياسي المنشود للمنطقة , هذا الحل الذي بدأت فيه معالم التوافقات وتقاطع الرؤى بالتوارد تباعاً للواجهة السياسية , حضرت فيها مشاهد الزحف السعودي باتجاه الأراضي الروسية لتصنيع المخارج ومحاولة الركوب في القطار الدولي وحجز مقعداً ولو كان هامشياً , ولاسيما بعد تثبيت الجمهورية الإسلامية لموقعها الإقليمي بجدارة , إذ حجزت مقعداً رئيسياً في منظمة شنغهاي , إضافة لحضورها المميز مع الروسي في قمة قزوين  , واليوم تمتن هذا الحضور من خلال نصرها الدبلوماسي و انتزاع حقوقها النووية , والنجاح في إبرام الاتفاق النووي مع السداسية الدولية في فيينا , ومن هنا لم يجد السعودي الغارق أصلاً في المستنقع اليمني , والذي أدرك وتلمس إدارة الظهر الأمريكية له ولاسيما بعد فشله في تحقيق أي من الأهداف الاستراتيجية التي اعلن عنها في اليمن , وانطلاقاً من الحسرة التي باتت تلف مشاعره وهو يرقب الانتصار الإيراني وصياغته لحضوره السياسي على المستوى الإقليمي وحتى الدولي , يمكن فهم الهرولة السعودية باتجاه موسكو , هذه الهرولة التي كانت تصل نتائجها تباعا للإيراني الذي بادر ووفقاً لتطورات المشهد السياسي والانعطافة السعودية التي أبدت فيها المملكة رسائل الاستعطاف والتدخل الإيجابي , لصياغة المبادرة الإيرانية المعدلة في إطار إنهاء الأزمات وحل العقد في كافة الملفات .

إن ما أعلنه روحاني لجهة أن هذا الزمن هو زمن الرابح رابح يجب أن لا يفهم على الإطلاق أنه في سياق التسليم بنصر لأعداء سورية وإيران , لامعنوي ولا استراتيجي , بدليل أن الدولة السورية وفي ذروة الحراك السياسي الحاصل الروسي منه والإيراني , لازالت تضع الخطوط الحمراء وترسل الرسائل الصريحة والقطعية , فكان المنفذ للاتصال مع المملكة السعودية هو المنفذ الأمني حصراً , ولم يصب في إطار اللقاء السياسي , هذا المنفذ الذي تضع فيه الدولة السورية ما قد وصلها من انعطافة سعودية محتملة  على المحك , ولاسيما بعد تغلغل الإرهاب في الداخل السعودي والذي كان آخره تفجير أبها جنوب السعودية , الأمر الذي قد يؤسس لتحول جدي في السلوك السياسي السعودي .

الكلام السوري كان واضحاً , وواضحاً جداً , أن أي طرف يريد الانخراط في الحلف الذي طرحته موسكو لمواجهة الإرهاب إنما يجب أن يستند إلى تنسيق حقيقي مع الجيش العربي السوري , والتعامل معه على قاعدة التوصيف السوري للإرهابي , لا  وفق أي توصيف آخر وهو ما جاء على لسان وزير الخارجية وليد المعلم في اللقاء الثلاثي الذي جمعه بنظيريه الروسي والإيراني في طهران , لجهة أن كل من حمل السلاح ضد الدولة السورية والجيش العربي السوري هو إرهابي , وبالتالي سيكون جزء من بنك الأهداف لأي حلف اقليمي ودولي يجري العمل على إعداده .

إن المبادرة الإيرانية المعدلة , وإن كانت التسريبات الإعلامية حولها ومضمون ما تحمل وكيفية تطبيقها لازالت قليلة , لكنها ستكون حاملة وداعمة بشكل مطلق للسيادة السورية ووحدة أراضيها واستقلال قرارها السياسي , المستند إلى خيار الشعب العربي السوري الذي هو المعني المباشر والوحيد , باختيار مستقبله , هذه المبادرة التي ستؤسس في اعتقادنا لصياغة شرعية دولية للدولة السورية والتنسيق معها بشكل جدي لمواجهة الآفة الداعشية العابرة للحدود , ومن هنا يمكن فهم ما بدأ يظهر من تحول عربي ولاسيما خليجي لإعادة القنوات الدبلوماسية إلى سابق عهدها مع دمشق , هذا التحول الذي جاء كنتيجة حتمية للصمود السوري وتضحيات الجيش العربي السوري وملاحمه البطولية في الميدان أولاً , ومن ثم الاتفاق النووي الإيراني ثانياً , وكما هو عنوان المرحلة الحالية " الهرولة باتجاه طهران " فإن عنوان المرحلة القادمة سيكون باقتدار " هرولة باتجاه دمشق " قلب العروبة وقاهرة الإرهاب .