www.parliament.gov.sy
الأحد, 9 آب, 2015


تباينات لم يوحدها الخطر.. بقلم: د. فايز الصايغ

عندما يعلن الوزير لافروف بعد لقائه كيري مؤخراً أن لا اتفاق على إستراتيجية موحدة بين روسيا وأميركا على مواجهة داعش، فهذا يعني أن التباين في وجهات النظر يكمن في رغبة واحد من الطرفين عدم القضاء على تنظيم داعش أو عدم الاستعجال في القضاء عليه في أحسن الأحوال، وهذا يعني أيضاً أن الطرف الأميركي باعتباره المستفيد من دور داعش في مكان ما وزمان ما يريد المماطلة، بحيث يبقى التنظيم الإرهابي فزّاعة في المنطقة وخصوصاً أن المستفيد الوحيد.. أو المستفيد الأول هو إسرائيل التي تحاول الولايات المتحدة الأميركية تقديم المزيد من الخدمات والتنازلات والمراعاة للكيان العنصري الصهيوني لتحرير الاتفاق النووي مع إيران ولتخفيف الدور الصهيوني الضاغط في الكونغرس الأميركي الذي يدرس الاتفاق في هذه الأيام وسط تجاذب جمهوري ديمقراطي داخل الكونغرس وخارجه.
ترى ما الذي يجمع واشنطن وموسكو ومن بداية ظاهرة داعش الإرهابية التي يعترف الجميع بأنها باتت تهدد العالم كله، ما الذي يمنعهما من التوصل إلى إستراتيجية موحدة للقضاء على داعش مع أن العالم كله سيصطف خلف الدولتين العظميين اصطفافاً سياسياً وعسكرياً ومالياً للقضاء على داعش ومن له مصلحة في عدم التوصل إلى إستراتيجية موحدة.. ومن المستفيد من الإبقاء على داعش واللعب فيها وعليها لتحقيق مصالح في أغلبها تخدم مصالح إسرائيل ولو على حساب تهديد أمن أوروبا فضلاً عن أن المنطقة وربما أمن الولايات المتحدة الأميركية أيضاً..
تباينات واضحة.. وأهداف مختلفة لم يوحد رؤيتها الخطر مع أن العالم كله أجمع على أن مواجهة خطر الإرهاب العالمي الذي يزداد اتساعاً وتفشياً يحتاج إلى توافق دولي وإقليمي وقرار معلن واضح من مجلس الأمن لرسم إستراتيجية موحدة وملزمة للقضاء على الإرهاب، وهذا يكمن في اتفاق روسي أميركي صلب من شأنه أن يندرج في قرار مجلس الأمن والشروع في التوافق الإقليمي أولاً والدولي ثانياً لبدء عملية إنهاء التنظيم الإرهابي الأخطر في العالم والذي بات يهدد مجتمعات العالم بالقدر الذي هدد فيه المجتمع السوري والحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية و"الكهربائية" السورية بعد أن أدخلت الكهرباء على أهداف داعش باعتبارها تشكل عصب الحياة السورية وعصب الاقتصاد والتنمية والصمود.
لم يُسجل للولايات المتحدة أية مبادرة سياسية جدية للتوافق على إنهاء تنظيم داعش الإرهابي، وعندما بادرت بتشكيل التحالف العسكري بلا خلفية سياسية اعتمدت على الدول التي ساهمت في ولادة التنظيم ورعايته والتي مولته ولا تزال.. حتى العمليات العسكرية التي اقتصرت على الجو فقط كانت عمليات انتقائية تحقق هدفين أولهما تحجيم التنظيم في مكان وتعزيزه في مكان آخر وثانيهما.. عمليات الخطأ في الإنزال الجوي كانت كثيرة بحيث انكشف الغطاء وتبين أن الأخطاء المتعمدة أكثر من الوظيفة الأساسية.
فيما يسجل للروس العديد من المبادرات السياسية التي لا تنطوي على مصالح روسية بحتة بمقدار مصلحة روسيا إعادة الأمن والاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط والعالم انسجاماً مع الدور الروسي في مجلس الأمن..!!