www.parliament.gov.sy
الاثنين, 8 حزيران, 2015


القوة الضاربة والنواة الصلبة للدولة السورية- جمال رابعة

في الأسبوع الفائت تم رفع السرية عن معلومات لجهة تشكيل " دولة داعش" عبر منظمة جوديشيال ووتش الحقوقية الأمريكية تبين فيه الدور الأمريكي الكبير في قيام ونشأة هذه الجماعة الإرهابية إذ تم فيه الافراج عن هذه الوثائق التابعة لوزارة الدفاع والخارجية الأمريكية من خلال أمر قضائي وأهم ما تحويه هذه الوثائق بين طياتها بأن واشنطن كانت على علم بتأسيس تنظيم باسم داعش ويهدف لتأسيس إمارة له في شرق سورية وغرب العراق وبدعم ومباركة أمريكية ,وفي تصريح صحفي لكولن باول وزير الخارجبة الامريكي الاسبق لقناة فوكس الأمريكية بقوله عن آل سعود أننا أخطأنا في رهاننا على جيش ضعيف ووزير دفاع ليس له فكرة عن كلمة حرب وأردف قائلاً : نصحت أصدقائنا السعوديين بالكف عن المهاترات لأنهم مكشوفون من قبل ايران وان أي حرب مع ايران معناها عودة السعودية إلى ما قبل العصر الصناعي خلال ساعات , وفي كتاب بعنوان ( نظام العالم ) للسياسي المخضرم هنري كيسنجر ثعلب السياسة الخارجية الأمريكية ومستشار سابق للأمن القومي يعترف فيه كيسنجر بقوله :لقد أخطانا في سوريا , وعليه فإن الاعتراف بخطأ الإدارة الأمريكية بالتعامل مع كل ما جرى في سورية فيه الكثير من المعطيات .

من خلال ما تقدم استطيع القول أن ما يحكم سياسة الإدارة الأمريكية هي سياسة المصالح والاستثمار وتعتمد على وجود عدة خطط بديلة تصب في تحقيق الهدف الاستراتيجي لمصالحها وحماية الكيان الصهيوني فكان لابد وفق رؤية المحور الصهيو-أمريكي والخليجي مباركة تأسيس دولة في غرب العراق وشرق سورية ترتكز على أسس طائفية تمهد لتأسيس دول أخرى بذات الأهداف يتم من خلالها شرعنة قيام الدولة اليهودية في فلسطين المحتلة ووضع المنطقة تحت ظل صراعات دموية تدوم أكثر من مائة عام على أساس الطائفية الاقليمية التي تعزز من وجود داعش والتعبئة الاجتماعية في الوطن العربي ضد الدولة السورية و ايران  إذ أعطي داعش و القاعدة حرية التصرف و أصبحت مواجهة الدولة السورية و ايران اولوية على مواجهة داعش بالنسبة لكثير من الأنظمة العربية على رأسهم آل سعود و آل ثاني في قطر . و تالياً من أجل تحقيق الأهداف بضرب محور المقاومة الذي يمتد من لبنان عبر سورية فالعراق وصولاً إلى إيران .

الهدف الآخر اقتصادي وهو قطع طريق الحرير الحيوي ذو الأهمية الاقتصادية للمارد الصيني ودول المنطقة و بما يحقق من عوامل نمو اقتصادي للصين والمنطقة في حال اعادة الحياة لهذا الطريق وفق الاستثمارات الطموحة كنقل الطاقة وسكة الحديد التي تربط بين المتوسط والصين لكن كل ذلك مرهون بعدم توقيع الاتفاق النووي الإيراني ,هذه استراتيجيتهم في حال عدم توقيع الاتفاق النووي الإيراني لكن ما شهدناه من توقيع الاتفاق الإطاري وباعتقادي أن هذا الإتفاق ناجز بنهاية شهر حزيران , وفي هذا السياق يمكن فهم خروج مجمل تلك التصريحات في مقدمتها كولن باول و كيسنجر التي تشير الى أخطاء الإدارة الأمريكية في سورية والتصريحات المتكررة من القادة الأوربيين والأمريكان عن مسؤولية دول كتركيا والسعودية وقطر والإمارات بدعم وتمويل العصابات التكفيرية كداعش والنصرة وأخواتها هو دليل وشاهد على أنه هناك تبدل في استراتيجيات الأمريكي وخططه البديلة في حال وقع الإتفاق النهائي مع إيران والاعتراف بها كدولة نووية وببرنامجها النووي ذو الأغراض السلمية وحتى يتم ذلك لا بد من القضاء على هذه الدولة الوهمية ومحوها من خارطة عقول الواهمين ريثما تقوم الإدارة الأمريكية باختيار المكان المناسب لتلك القطعان من الذئاب البشرية كداعش وأخواتها في مناطق أخرى من العالم , إذ تقوم أمريكا و ربيبها الكيان الصهيوني والغرب الأطلسي بتلميع جبهة النصرة بغطاء جديد تحت مسمى جيش الفتح وما تعنيه هذه الكلمة من دلالة تاريخية لذاك المحتل العثماني الطوراني التي يمكن وضعها في سياق استراتيجية الخطط البديلة من قبل إدارة أوباما ووراءه الحلف الصهيو– خليجي لجهة الاستمرار باستنزاف مقدرات وامكانات حلف المقاومة وعموده الفقري الدولة السورية بمكوناته العسكرية والاجتماعية والاقتصادية وهذا ما شهدناه في التطورات الميدانية الأخيرة في ادلب وجسر الشغور وتدمر.

في الختام أقول : إن إدارة اوباما تنوي الانسحاب من الشرق الأوسط بحسب المعلومات التي أوردها مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية السوري لجهة أن أمريكا بدأت نقل مقر قيادتها الاستراتيجية من البحرين إلى استراليا في محاولة لوضع امكاناتها في مواجهة المارد الصيني إذ أن هناك طاقات اقتصادية في منطقة الشرق الأوسط كبيرة للاستثمار ولا يمكن أن يتم ذلك بدون أجواء استقرار في المنطقة , ومن هنا نفهم الدور الإيراني ما بعد التوقيع على الاتفاق حيث يعتبر الرد الحقيقي على تصعيد داعش و المتطرفين المدعومين سعودياً و بعقد هكذا اتفاق مع ايران ووجود روسيا كلاعب دولي عنيد يستطيع الوقوف بقوة الى جانب الدولة السورية ,وعليه فان الدولة السورية لم تستخدم حتى هذا التاريخ قوتها الضاربة بما تملكه من نواة صلبة جوهرها التلازم المتين في ثنائية الجيش والشعب والحضور الاستراتيجي في البعدين الاقليمي والدولي , الذي يعتبر عامل أمان و استقرار وانتصار للدولة السورية.