www.parliament.gov.sy
الأحد, 30 حزيران, 2024


عضو مجلس الشعب جويدة ثلجة تكتب: الحياة بين الخلل والانتظام

الحياة لغة نقيض الموت، وهي حالة تميز جميع الكائنات الحية من حيوان ونبات وبشر وفطريات وحتى البكتريا والجراثيم عن غير الأحياء، فالإنسان خلق بجوهر خاص ليرقى بروحه وعقله ونفسه،  وليحقق ذلك عليه العمل والبحث بشكل دائم، وعدم الوقوف والمراوحة في المكان بل السير قدماً لاكتشاف كل ماهو جديد، فهل السير في هذا المسير سيكون بانتظام أم بخلل؟

فالخلل لغوياً هو اضطراب الشيء وعدم انتظامه؛ كما يأتي بمعنى الفساد والضعف، أما الخلل الوظيفي فيعني الضعف في الأداء أو الأداء غير الطبيعي لوظيفة أعضاء الجسم، ونقيضه الانتظام الذي يعني الجري على قاعدة واحدة واتباع نظام معين، إطراد "انتظام الحركة" اتساق وتألف "انتظام الجسم البشري" والسؤال هنا هل نستطيع السير في الحياة على الاتساق نفسه أم لا؟

عندما نسير في طريق مستقيم ونرى حفرة في وسطه بالطبع سنبتعد يميناً أو يساراً لتجنب الوقوع فيها، وهنا يصبح الخط المستقيم متعرجاً، ولكن هذا التعرج يكون للضرورة وللمرور بسلام دون إلحاق الضرر بأنفسنا من تلك الحفرة، والتي ربما كانت بفعل فاعل أو بواسطة العوامل الأخرى.

هل هذا الخلل غير الرتيب ينطبق على السلوك البشري ومن يقوم به وما هي آليه معالجته؟ عندما يطغى على بعض السلوكيات الحقد والحسد والكراهية والتشدد والتعصب والإقصاء للآخر، هنا نسميه خللاً في الحضور والبناء الإنساني، والسير في هذه الحالة يكون دون وعي مما سيؤدي بالبناء إلى الانهيار، وكلما زاد ذلك الخلل كان الانهيار وشيكاً وسريعاً وكبيراً.

هنا يتوجب الانتباه لعملية إعادة البناء، وهي بالطبع عملية ليست سهلة وإنما ستترافق مع الكثير من الصعوبات والمطبات، والإبداع يكمن في آلية الاختراق ومعالجة ماهو آيل للسقوط من خلال هدمه وإعادة البناء بشكل أكثر متانة وقوة وصلابة، بناء سليماً مبنياً على الحب والصدق والتفاني في العمل، ليتم تذليل كل العقبات التي تعوق سريان طاقة الحب والعطاء.

وبذلك تظهر حقيقة ذاك البناء المتصدع لمالكيه، وكيف أنهم سيكونون اول المتضررين به .

إن أولئك الذين تمترسوا في سكنهم المتصدع ووجدوا أنه أفضل الأماكن، وظنوا أن اختراق جدرانهم يحتاج إلى الحكمة لكي تقاوم جدرانهم من يحاول اختراقها، وإن تم هذا الاختراق علينا أن نعلم بأننا سنقابل ذلك بكافة الوسائل الدفاعية، لأن هذا الخلل الذي هم به يتخلله انتظام واختراقه يتطلب تكتيكاً ليس عادياً بل عالي الدقة والكفاءة كمقبض الجراح لتتم العملية بدقة ونجاح.

والسؤال المطروح هو: من الذي يستطيع الاختراق بسهولة وبأقل الأضرار؟ وذلك كي نعيد البناء الإنساني الصحيح، ونعيد للحضور الإنساني ألقه كي لا يبقى حبيساً خلف الجدران المتصدعة.